وفي قوله تعالى : « تجري من تحتهم الانهار » لانهم على غرف في الجنة كما قال : « وهم في الغرفات آمنون » وقيل : إن أنهار الجنة تجري من غير أخاديد (١) في الارض ، فلذلك قال : « من تحتهم » «يحلون فهيا من أساور من ذهب » أي يجعل لهم فيها حلي من أساور ، وقيل : إنه يحلى كل واحد بثلاثة أساور : سوار من فضة ، وسوار من ذهب ، وسوار من لؤلؤ وياقوت ، عن سعيد بن جبير « ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق » أي من الديباج الرقيق والغليظ ، وقيل : إن الاستبرق فارسي معرب أصله « إستبر » وقيل : هوالديباج المنسوج بالذهب « متكئين فهيا على الارائك » متنعمين في تلك الجنان على السرر في الحجال ، وإنما قال : متكئين لان الاتكاء يفيد أنهم منعمون في الامن والراحة ، فإن الانسان لا يتكئ إلا في حال الامن والسلامة « نعم الثواب » أي طاب ثوابهم وعظم ، عن ابن عباس « وحسنت » الارائك « مرتفقا » أي موضع ارتفاق ، وقيل : منزلا ومجلسا ومجتمعا.
وفي قوله تعالى : « كانت لهم جنات الفردوس » أي كان في حكم الله وعلمه لهم بساتين الفردوس وهو أطيب موضع في الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها ، عن قتادة ، وقيل : هوالجنة الملتفة الاشجار عن قتادة ، وقيل : هوالبستان الذي فيه الاعناب ، عن كعب ، وروى عبادة بن الصامت على النبي صلىاللهعليهوآله قال : الجنة مائة درجة مابين كل درجتين كما بين السماء والارض ، الفردوس أعلاها درجة ، منها تفجر أنهار الجنة الاربعة ، فإذا سألتم الله فا سألوه الفردوس. « نزلا » (٢) أي منزلا ومأوى ، وقيل : ذات نزل « خالدين فيها » أي دائمين فيها « لا يبغون عنها حولا » أي لا يطلبون عن تلك الجنات تحولا إلى موضع آخر لطيبها وحصول مرادهم فيها.
____________________
(١) الاخاديد جمع الاخدود : الحفرة المستطلية. جدول الماء.
(٢) قال الرضى في تلخيص البيان « ص ١٨٨ » ما حاصله : النزل عند عامة المفسرين بمعنى المنزل والنرول فكأنه تعالى قال : كانت لهم جنان الفردوس منزلا ينزلونه وقرارا يستوطنونه ، وله أيضا مجاز يدخلها في حيز الاستعارة وهو أن لفظ النزل عند بعضهم قد عبر به عما يقرى به الضيف عند طروقه ويعد له قبل نزوله فيجوزأن يكون معنى ذلك أى قرى معدا كما يقرى الضيوف لانهم ضيفان الله تعالى في جنانه وجيرانه في داره.