ولما كانت سنة ٢١٠ أمر أمير المؤمنين المأمون عبد الله بن هارون الرشيد ، فدفعها إلى فاطمة ، وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة : أما بعد فإنّ أمير المؤمنين بمكانه من دين الله وخلافة رسول الله صلىاللهعليهوسلم والقرابة به أولى من استنّ سننه ، ونفذ أمره ، وسلّم لمن منحه منحة وتصدّق عليه بصدقة منحته وصدقته ، وبالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته ، واليه في العمل بما يقرّبه إليه رغبته.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعطى فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدك ، وتصدّق بها عليها ، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لا اختلاف فيه بين آل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم تزل تدعي منه ما هو أولى به من صدّق عليه ، فرأى أمير المؤمنين أن يردّها إلى ورثتها ، ويسلمها إليهم تقرّباً إلى الله تعالى بإقامة حقه وعدله ، وإلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتنفيذ أمره وصدقته.
فأمر باثبات ذلك في دواوينه والكتاب إلى عمّاله ، فلأن كان ينادى في كل موسم بعد أن قبض الله نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يذكر كل من كانت له صدقة أو هبة أو عدة ذلك فيقبل قوله وينفذ عدته ، انّ فاطمة رضياللهعنها لأولى بأن يصدّق قولها فيما جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم لها.
وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري مولى أمير المؤمنين يأمره برد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها ، وما فيها من الرقيق والغلّات وغير ذلك ، وتسليمها إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، لتولية أمير المؤمنين إياها القيام بها لأهلها.
فاعلم ذلك من رأي
أمير المؤمنين ، وما ألهمه الله من طاعته ووفقه له من التقرب إليه وإلى رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وأعلمه مَن قبلك وعامل محمد بن يحيى
، ومحمد بن