دخل في خف وإزار فكادت مرارتي تنفطر فرحاً فلقيته أقبل رجليه وهو يضحك ويقول : يأتيها رزقها وهي نائمة هذا يا حبيبي بخت من لا يصوم ولا يصلي في الحقيقة ، وكان أخف الناس روحاً وبتنا في تلك الليلة عروسين لا نعقل سكراً واصطحبنا وقلت هذه الأبيات :
بت وبات الحبيب ندماني |
|
من بعد نأي وطول هجران |
نشرب فضية معتقة |
|
بحانة الشط منذ أزمانِ |
وكلما دارت الكؤوس لنا |
|
ألثمني فاه ثم غناني |
الحمد لله لا شريك له |
|
أطاعني الدهربعد عصيان |
ولم يزل مقيماً عندي نحو شهر حتى استقام أمر أبيه ثم عاد إلى داره ، فهذه الأخبار التي رواها أبو الفرج عن نفسه تعين اتجاهاته الذوقية في الحياة ومن هنا جاء غرامه يتعقب أخبار الخلاعة والمجون فيمن ترجم له من الشعراء انتهى باختصار (١) .
فإذا كان هذا مقام أبي الفرج في الدين والورع والعفة ومقام كتابه في الحقائق فهل تبقى قيمة لما يحدث فيه ما لم يدعم بقرائن صحيحة ، خصوصاً بعد أن عرفنا حال من يحدث عنهم ويعتمد في كتابه على روايتهم كآل الزبير وأشعب الطامع والهيثم بن عدي وصالح بن حسان إلى أمثالهم من مجهولين .
وإنك لتجد في هذه الرسالة النقل عن كتاب الأغاني فهو من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم أو لأن تلك النقول لا تنافي شيئاً من مقام من نقل عنه ، وليس النقل للإعتماد على الكتاب أو على ما فيه من روايات لم نعرف حال سندها .
____________________
(١) النثر الفني ج ١ ، ص ٢٣٥ وص ٢٤٤ ، وروى القصة ياقوت في معجم الأدباء ج ٥ ، ص ١٦٠ .