سكينة مع الله تعالى
جاء الحديث : إن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين (ع) أتى عمه أبا عبد الله الحسين (ع) يخطب إحدى ابنتيه فاطمة وسكينة ، فقال له أبو عبد الله (ع) أختار لك فاطمة فهي أكثرها شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص) ، أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار ، وفي الجمال تشبه الحور العين ، وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله تعالى فلا تصلح لرجل (١) .
إن هذه الكلمة الذهبية من سيد شباب أهل الجنة (ع) تفيدنا درساً بليغاً عن مكانة ابنته ( سكينة ) من الشريعة المقدسة ، وأن أختها الطاهرة مهما حازت الثناء الغير المتناهي لا تبلغ شأوها ، ولا تجاريها في رهبانية وتجرد عن اللذات وانقطاع عن الدنيا الفانية ، وكيف لا تكون كذلك وهي ابنة معدن القداسة عجنت طينتها بماء النزاهة فكانت متأثرة بحسن التربية ، وكرم الأخلاق ، فهي مثال السؤدد ، وقد جللها الشرف مطارف من الحياء والعفة ، فقول الإمام الشهيد (ع) : ( غالب عليها الاستغراق مع الله ) ، يشير إلى أن ابنته الكريمة كانت سابحة بين أمواج الفناء في الله سبحانه ( إن لم نقل البقاء
____________________
(١) إسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الأبصار ص ٢٠٢ .