استناداً إلى ما روي عنه (ص) : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » ١ لأن قوله « في امرنا » معناه : أدخل في تشريعاتنا الدينية ما ليس منها ، بل لقد قال السيد الأمين عن البدعة : « لا يحتاج تحريمها إلى دليل خاص ، لحكم العقل بعدم جواز الزيادة على أحكام الله تعالى ، ولا التنقيص منها ، لاختصاص ذلك به تعالى وبأنبيائه ، الذين لا يصدرون إلّا عن أمره ». ٢
فالبدعة في الشرع ، وبعنوان التشريع لا تقبل القسمة المذكورة ، بل هي من غير صاحب الشرع قبيحة مطلقا.
وأمّا الابتكار والابتداع في العادات والتقاليد ، وأمور المعاش ، والحياة ، فهو الذي يقبل القسمة إلى الحسن والقبيح ، ويكون موضوعا للأحكام الخمسة : الوجوب ، والحرمة ، والاستحباب ، والكراهة ، والإباحة ... (ويلاحظ : الخلط في الأمثلة التي ذكرها عبد العزيز بن عبد السلام بين هذا القسم وبين سابقه). ٣
وعليه فالأمور العادية والحياتية ونحوها ، مما لم يرد من الشارع حكم متعلق بها بخصوصها ، أو بعموم يكون كل منها أحد أفراده ومصاديقه ، إن عملها المكلف وقام بها ، أو تركها ، بعنوان أنها من الدين ، فإن لم تكن منه ، فإنه يكون قد أبدع في الدين ، وأدخل فيه ما ليس منه.
وأما إذا قام بها ، وعملها ، أو تركها ، ملتزما بها أو غير ملتزم ، لا بعنوان أنها من الدين ، ولا يدَّعي أن الله سبحانه قد شرع ذلك ، مع عدم منافاة ذلك لأيٍّ من أحكام الدين وتعاليمه ، فلا يكون ذلك بدعة في الدين ، ولا إدخالاً ما ليس منه ، فيه.
وما نحن فيه إنما هو من هذا القبيل ، كما هو ظاهر.
إذ لو كان اختيار الأساليب المختلفة للتعبير عن التقدير والاحترام ، المطلوب لله سبحانه بدعة ... لكان كل جديد يجري العمل به في طول البلاد وعرضها من البدع المحرَّمة.
__________________
١ ـ راجع : سنن أبي داود / ج ٤ / ص ٢٠٠ ، وسنن أبي مسلم / ج ٥ / ص ١٣٣ ، ومسند أحمد / ج ٦ / ص ٢٤٠ و ٢٧٠.
٢ ـ كشف الارتياب / ص ٩٨.
٣ ـ راجع أمثلته في تهذيب الأسماء واللغات / قسم اللغات / ج ١ / ص ٢٢.