يرجع إلى الاختلاف في الأثر المرغوب لا في أصل المعنى ، فانه محفوظ في كلا التفسيرين ، فمراد الفقيه التمامية من حيث سقوط القضاء والإعادة ، ومراد المتكلم التمامية من حيث موافقة الشريعة. فكان لما ادعاه وجه.
واما المحقق النائيني فلم يذهب إلى ان معنى الصحة هو الانطباق حتى يدعى انه معنى جامع لكلا التفسيرين ، بل ذهب إلى ان ملاك الاتصاف بالصحّة هو ذلك ، وهذا لا يستلزم وحدة المعنى لدى الطرفين مع اختلاف تفسيرهم ، فترتب ظهور وحدة المعنى لديهما على ملاكية الانطباق للصحة امر لا وجه له بأيدينا فالتفت.
الثالثة : ما ذكره من كون الصحة في موارد الأوامر الاضطرارية غير مجعولة خلافا لصاحب الكفاية وتوجيهه بما عرفت بيانه ، والإشكال فيه يظهر مما تقدم في مبحث الاجزاء من عدم تسليم ما أفاده في وجه لا بدية الاجزاء في الأوامر الاضطرارية ، فراجع تعرف.
وعليه ، فللشارع الحكم بالاجزاء في بعض الموارد غير المقتضية له ، فتكون الصحة مجعولة كما ذهب إليه صاحب الكفاية.
الرابعة : ما ذكره في وجه مجعولية الصحة في الأوامر الظاهرية ، من ان قيام الأمارة أو الأصل على الاكتفاء بالعمل يرجع إلى تعبده بانطباق الواقع على المأتي به.
وجهة الإشكال فيه هي : ان التعبد لا يصح إلا بما كان مجعولا شرعيا ـ تكليفيا أو وضعيا ـ أو موضوعا لأثر شرعي ، وليس انطباق الواقع على المأتي به من المجعولات الشرعية بكلا النحوين كما هو واضح. كيف؟ ويراد تصحيح جعله بالتعبد الّذي هو محل البحث ـ كما انه ليس من موضوعات الأحكام الشرعية ، إذ لا يترتب على الانطباق أي أثر شرعي.
مع ان التعبد بالموضوع للأثر الشرعي مرجعه إلى التعبد بنفس الأثر ،