الوجوب والندب لا يمت إلى متعلقهما بصلة أصلا ، بل هو اختلاف في حقيقتهما ، ومتعلق الوجوب نفسه هو الّذي يكون متعلقا للندب لو كان هو المراد بالكلام بلا تغير فيه أصلا ، فإطلاق المادة لا يجدي في إثبات الوجوب أو الندب.
واما فيما نحن فيه ، فدعوى ان إطلاق المتعلق يفيد تعيين أحد النوعين من الترتب وان كانت موجودة ـ كما ستعرف إن شاء الله تعالى ـ إلاّ انه يمتنع ان يكون نظر المدعي للوجه الأول من الإطلاق إليه ، إذ المفروض انه ذكر وجها في قبال الوجه القائل بالتمسك بإطلاق الشرط نفسه ، بل المنظور في هذا الوجه كون محل الإطلاق نفس الترتب لا متعلقه ، فيتجه عليه الإشكال المذكور في الكفاية كما لا يخفى.
ويمكننا ان نقول في مقام دفع المناقضة بين ما أفاده صاحب الكفاية هنا وما أفاده في مورد الوجوب والندب : انه قدسسره لم يلتزم هناك بإمكان كون الآمر بصدد البيان ، بل التزم باستفادة الوجوب لو تمت مقدمات الحكمة ، وهذا لا ينافي عدم التزامه بتمامية مقدمات الحكمة أبدا ، إذ صدق القضية الشرطية لا يتوقف على صدق طرفيها.
وهذا وان كان خلاف ظاهر كلامه لكن لا طريق غيره في رفع التهافت.
ثم ان المحقق الأصفهاني قدسسره ذكر ـ في مقام توضيح الإيراد الثاني ـ : ان الوجوب النفسيّ والغيري يختلفان سنخا ، فكان مقتضى الإطلاق تعيين النفسيّ ، وليس كذلك الترتب المنحصر وغيره فانهما متحدان سنخا ، فلا يعين الإطلاق أحدهما (١).
ونحن وان اتفقنا معه في الرّأي ، لكن لا نوافقه على أسلوب البيان ، فان التمسك بالإطلاق لا يتوقف على اختلاف السنخ ، بل هو لأجل نفي الخصوصية
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٣٢٢ ـ الطبعة الأولى.