وبيان الوجه في تقييد دائرة حجية العام بغير عنوان الخاصّ.
وسيأتي بيان عدم صحة هذا الإيراد وتمامية ما أفاده في الكفاية فانتظر.
ومنها : ما ذكره المحقق الأصفهاني في حاشيته على الكفاية بانيا له على التزامه بان قوام فعلية الحكم بالوصول وعدم كونه فعليا حال الجهل.
بيان ذلك : انه لو التزمنا بان فعلية الحكم انما تتحقق بوصول الحكم والعلم به وجدانا أو تعبدا ، وذلك باعتبار ان حقيقة البعث والزجر ـ وهما قوام فعليّة الحكم ـ جعل ما يمكن ان يكون داعيا وزاجرا ، ومن الواضح ان الحكم ما لم يصل إلى المكلف ويعلم به لا يمكن ان يكون داعيا له أو زاجرا بحيث يفعل المكلف عن دعوته أو يترك عن زجره.
بناء على هذا الالتزام ، فبما ان الخاصّ لا يكون حجة في الفرد المشكوك لعدم العلم بانطباقه عليه لم يكن الحكم فيه ـ على تقدير كونه من افراده واقعا ـ فعليا فيكون العام فيه حجة ، لأن منافاة الخاصّ للعام وتقديمه عليه بالمقدار الّذي يكون فيه فعليا ، لأن المنافاة بين الأحكام انما هي في مرحلة فعليتها.
وقد أجاب عنه قدسسره : بان المخصص كما يكشف نوعا عن ثبوت الحكم لعنوان الخاصّ ، يكشف بالملازمة عن نفي حكم العام عن عنوان الخاصّ للمنافاة بينهما ، ولازمه عقلا قصر حكم العام على بعض مدلوله.
وحجية أحد هذين الكاشفين لا ترتبط بالآخر ، فإذا سقط الأول عن الحجية للجهل بالانطباق كان الآخر على حجيته (١).
وهذا البيان هو مضمون جواب الكفاية عن الوجه الأول ، وان اشتمل على بعض إيضاح كبيان ان تضييق دائرة حجية العام بالملازمة. ولكنه لم تنحل فيه جهة الغموض التي عرفتها ، فكان علينا إيضاح هذه الجهة.
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٣٣٩ ـ الطبعة الأولى.