تحقيقه نحوا آخر ، فأفاد قدسسره : ان الكلام تارة يقع في القضايا الخارجية. وأخرى في القضايا الحقيقية.
اما القضايا الخارجية ، فالحق فيها اختصاص الخطاب بالمشافهين ، لأن خطاب الغائب فضلا عن المعدوم يحتاج إلى تنزيل وعناية ، وهو خلاف ظاهر الخطابات.
واما القضايا الحقيقية ـ وهي القضايا المحكوم فيها على الموضوع المقدر الوجود كالقضايا الشرعية ـ ، فالحق عموم الخطاب للغائب والمعدوم والحاضر ، كعموم الحكم ثبوتا لهم جميعا ، إذ مخاطبة الغائب والمعدوم لا تحتاج إلى أكثر من تنزيلهما منزلة الموجود وهو حاصل ، إذ به تتقوم القضية الحقيقية ، فلا يدفعه الأصل لأنه ليس أمرا زائدا عن حقيقة القضية الحقيقية (١).
وقد أورد عليه السيد الخوئي (٢) تبعا للمحقق الأصفهاني (٣) بأنه لا يكفى في صحة خطاب المعدوم والغائب تنزيلهما منزلة الموجود ، بل يعتبر تنزيلهما منزلة الحاضر وهو أمر زائد على مقتضى القضية الحقيقية ، فينفيه الأصل مع عدم الدليل عليه.
ثم ان صاحب الكفاية نقل للبحث ثمرتين وناقشهما ، فيكون البحث مما لا ثمرة له عملية ، وهما :
الأولى : حجية ظهور الخطابات للمعدومين والغائبين ـ بناء على عمومها لهم ـ وعدم حجيته بناء على عدم عمومها لهم.
وناقشها :
أولا : بأنه تبتني على اختصاص حجية الظاهر بالمقصود افهامه وقد تقرر
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٤٩٠ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٥ ـ ٢٧٧ ـ الطبعة الأولى.
(٣) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين ـ نهاية الدراية ٣ ـ ٢١٩ هوامش الجزء الأول ـ الطبعة الأولى.