يستقلّ بنفسه حيث هو.
٣ ـ وليس من المستبعد أن يكون آل الزبير هم الذين شجّعوا إبراهيم بعدم الانصياع إلى أوامر المختار ، وكما يقال شأن ـ الماكر الماهر ـ ، أن يعكّر الماء ليصطاد فيه.
فقد ذكر ابن خلدون في تاريخه (١) ، أن مصعبا كتب إلى إبراهيم أكثر من مرّة يدعوه إلى طاعته ، ووعده بوعود كثرة ، كما وكتب إليه عبد الملك بن مروان بولاية العراق ، واختلفت عليه أصحابه ، فجنح إلى مصعب خشية من أصحاب ابن زياد ، وأشراف أهل الشام ، وكتب إلى مصعب بالإجابة ، وسار إليه ، فبعثه على عماله بالموصل ، والجزيرة ، وأرمينية ، وآذربيجان ، وهذا يعني أن هناك اتّفاقا مسبقا تمّ في حياة المختار بين آل الزبير وإبراهيم ، مفاده أن يتخلّى إبراهيم عن نصرة المختار مقابل اعترافهم بقيادته.
ولغرض إكمال الفائدة نورد نصّ الرسالتين للإطلاع عليهما :
قال أبو مخنف ، حدّثني أبو حباب الكلبي ، أن كتاب مصعب قدم على ابن الأشتر ، وفيه : أما بعد ، فإنّ اللّه قد قتل المختار وشيعته الذين دانوا بالكفر وكادوا بالسحر ، وإنا ندعوك إلى كتاب اللّه وسنّة نبيه وإلى بيعة أمير المؤمنين (٢) ، فإن أحببت إلى ذلك فأقبل إليَّ ، فإنّ لك أرض الجزيرة ، وأرض المغرب كلّها ما بقيت وبقي سلطان آل الزبير ، لك بذلك عهد اللّه ، وميثاقه ، وأشدّ ما أخذ اللّه على النبيين من عهد أو عقد. والسلام.
__________________
(١) تاريخ ابن خلدون ٣ : ٣٠.
(٢) يقصد بذلك : عبد اللّه بن الزبير الذي كان يعلن نصبه وعداوته لآل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.