« الكوفة » ، قد فوّت على المختار فرصة الانتصار على مصعب ، وهذا يذكّرنا بقول الشاعر الفرزدق للإمام الحسين عليهالسلام ، حين قابله وهو متوجّه إلى أهل العراق « قلوبهم معك وسيوفهم عليك » (١).
٥ ـ أن قتل المختار وأنصاره بهذه الصورة المروعة من قبل آل الزبير قد فضحهم ، ومن كان على شاكلتهم من يومهم إلى يوم القيامة ، وكشف للناس زيف سلطتهم القائمة على سفك الدماء مهما كانت حرمتها.
ولو افترضنا أن انضمام إبراهيم إلى آل الزبير قد تمّ بعد استشهاد المختار رحمهالله فالأجدر بإبراهيم ، أن لا ينضمّ إلى قوات ابن الزبير ، وللأسباب ، والمؤشّرات التالية :
١ ـ أن مصعبا قتل رئيس حكومته المسلم الشجاع (المختار الثقفي) ، الذي طالما قاتل إبراهيم تحت أمرته ، دفاعا عن بقاء دين الحق ، وإنزال العقاب الإلهي العادل بحقّ قتلة الإمام الحسين وآل بيته وأنصاره الكرام.
٢ ـ أن مصعبا تتبّع الشيعة بالقتل ، وملأ السجون بقادتهم حتى لكأنّه انسلخ عن الإسلام بقتله ستّة آلاف من المسلمين والموالي ، والذين أعطاهم مصعب الأمان ، حتى لقب على أثر هذه المجزرة بـ (الجزّار) ، فيما وصف اليعقوبي ، المأساة بأنّها أحد الغدرات المشهورة في الإسلام (٢).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ : ٣٠٣.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤. يُروى أن مصعبا لقي عبد اللّه بن عمر فسلم عليه وقال له أنا ابن أخيك ، مصعب. فقال له ابن عمر : نعم ، أنت قاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة واحدة! عش ما استطعت!
فقال مصعب : أنهم كانوا كفرة سحرة.
فقال ابن عمر : واللّه لو قتلت عدتهم غنما من ميراث أبيك لكان ذلك سرفا. راجع تاريخ الطبري ٢ : ٧٤٥.