وعلى هذا فلا يمكننا تطبيق حديث الرفع على البيع المضطرّ إليه بخلاف المكره عليه ؛ وذلك لأنّ تطبيق حديث الرفع على البيع المضطرّ إليه يتنافى مع الامتنان ، إذ معناه إيقاع المضطرّ في المحذور الذي يريد الفرار منه كما إذا كان محتاجا للمال فاضطرّ لبيع أرضه ، فلو قلنا ببطلان البيع لزم إيقاعه بالحاجة وهذا خلاف الامتنان.
وأمّا البيع المكره عليه فتطبيق حديث الرفع عليه فيه امتنان على المكره ؛ لأنّه إذا حكمنا ببطلان البيع فهذا يعني أنّ المكره له على البيع لن يتحقّق غرضه من الإكراه ، وبالتالي يكون المكره في منجى عن الآثار المترتّبة على البيع المكره عليه والذي لا يريده أصلا.
وبهذا نعرف أنّه يشترط في تطبيق حديث الرفع على المذكورات أن يكون في رفعها منّة على الإنسان.
المرحلة الثانية : في فقرة الاستدلال وهي : « رفع ما لا يعلمون » ، وكيفيّة الاستدلال بها.
وتوضيح الحال في ذلك : أنّ الرفع هنا إمّا واقعي وإمّا ظاهري ، وقد يقال : إنّ الاستدلال على المطلوب تامّ على التقديرين ؛ لأنّ المطلوب إثبات إطلاق العنان وإيجاد معارض لدليل وجوب الاحتياط لو تمّ ، وكلا الأمرين يحصل بإثبات الرفع الواقعي أيضا كما يحصل بالظاهري.
المرحلة الثانية : في فقرة الاستدلال وكيفيّته :
والاستدلال على البراءة بفقرة « رفع ما لا يعلمون » ، فإنّ كلّ ما لا يعلم من الأحكام مرفوع عن المكلّف ، أي أنّه لا يطالب ولا تشتغل ذمّته بشيء من ذلك ما دام لم يعلم.
والمراد بالرفع الواقعي أنّ الحكم غير المعلوم مرفوع واقعا أي ليس بثابت على الجاهل ، وهذا يعني أنّ الحكم مقيّد بالعلم به ، وأمّا الرفع الظاهري فالمراد به رفع وجوب الاحتياط عن المكلّف عند الشكّ والجهل بالحكم.
وقد يقال : إنّ الرفع على كلا التفسيرين يثبت لنا المطلوب من البراءة ؛ وذلك لأنّ البراءة يراد بها إثبات أمرين بحقّ المكلّف الجاهل بالحكم هما :