وهذا يعني أنّ حديث الرفع مخصّص ومقيّد بنوع من الأحكام ولا يجري في تمام موارد الشكّ في الحكم ، أي أنّه يجري إذا كان الحكم المشكوك مختصّا بالعالم واقعا على فرض ثبوته ، وأمّا إذا كان الحكم واقعا على فرض ثبوته شاملا للعالم والجاهل فلا يجري حديث الرفع.
وحيث إنّ الغالب كون الأحكام شاملة للعالم والجاهل إمّا للعلم بذلك عن طريق محذور الاستحالة العقليّة لتقييد الحكم بالعالم فقط ، كما في الأحكام الأوّليّة كوجوب الصلاة والصوم والحجّ والخمس والزكاة ، وإمّا لقيام دليل كما في الروايات المستفيضة الدالّة بإطلاقها وعمومها على الاشتراك وعدم الاختصاص ، بمعنى أنّها شاملة ومشتركة لإطلاقها وعمومها وعدم المخصّص المتّصل أو المنفصل لها.
فحينئذ تكون الموارد التي يتمّ فيها التمسّك بحديث الرفع هي تلك الأحكام التي ثبت اختصاصها بالعالم فقط ، كالجهر والإخفات والقصر والتمام ، وهذا يعني تخصيص حديث الرفع بالفرد النادر جدّا فتنتفي الفائدة منه ، مع كونه واردا من الشارع في مقام الامتنان منه على الأمّة ، والذي معناه أنّه لو لا حديث الرفع لكان موضوعا عليهم شيئا ثقيلا يشقّ عليهم تحمّله ، وهذا لا يتحقّق في الفرد النادر كما هو واضح.
وأمّا لو حملنا الرفع على الرفع الظاهري أي رفع وجوب الاحتياط عند الشكّ في التكليف فيصحّ الامتنان كما يتحقّق المطلوب ؛ لأنّه بذلك نثبت التأمين وإطلاق العنان ونوجد معارضا للاحتياط على فرض تماميّة أدلّته ، ويكون رفع الاحتياط مما يصحّ الامتنان به على الأمّة ؛ إذ لو كان الاحتياط موضوعا عند الشكّ للزم المشقّة.
وبهذا ظهر أنّ حمل الرفع على الواقعي لا ينفعنا في المقام.
نعم ، يكفي للمطلوب عدم ظهور الحديث في الرفع الواقعي ، إذ حتّى مع الإجمال يصحّ الرجوع إلى حديث الرفع في الفرض المذكور ؛ لعدم إحراز وجود المعارض أو المخصّص لحديث الرفع حينئذ.
نعم ، يكفي في الاستدلال على المطلوب أي إثبات التأمين وإطلاق العنان وإيجاد معارض للاحتياط ألاّ نستظهر الرفع الواقعي ، فإمّا أن نستظهر الرفع الظاهري وإمّا أن