الظاهري يحتاج إلى عناية ، إمّا بجعل المرفوع وجوب الاحتياط تجاه ما لا يعلم ـ لا نفسه ـ وهو خلاف الظاهر جدّا ، وإمّا بتطعيم الظاهريّة في نفس الرفع بأن يفترض أنّ التكليف له وضعان ورفعان واقعي وظاهري ، فوجوب الاحتياط وضع ظاهري للتكليف الواقعي ، ونفي هذا الوجوب رفع ظاهري له ، وكلّ ذلك عناية فيتعيّن الحمل على الواقعي.
قد يقال : إنّ الرفع يتعيّن حمله على الرفع الواقعي ؛ لأنّ حمله على الرفع الظاهري يحتاج إلى عناية ومئونة زائدة والأصل عدمها ، وهذه العناية إمّا أن تكون من جهة المرفوع وإمّا من جهة الرفع نفسه.
وبيان ذلك :
تارة نقول : إنّ المرفوع هو وجوب الاحتياط تجاه الحكم المشكوك لا نفس الحكم المشكوك كما هو مقتضى الظاهريّة ، وهذا يعني أنّ الحكم المشكوك لا يرتفع بنفسه وإنّما يرتفع وجوب الاحتياط المجعول تجاهه ، فهذه عناية في المرفوع وهذه العناية مخالفة لظاهر الحديث جدّا ؛ لأنّ الرفع بمقتضى وحدة السياق يكون بمعنى واحد.
وحيث إنّ المرفوع في سائر الفقرات نفس الحكم الواقعي تجاه ما صدر عن إكراه أو اضطرار مثلا ، فيكون المرفوع بحسب الظاهر هو نفس الحكم الواقعي عند الشكّ وعدم العلم ، فحمله على رفع الاحتياط مخالف للظاهر مع عدم القرينة عليه ، ولاستلزامه التقدير والأصل عدم التقدير كما تقدّم.
وأخرى نقول : إنّ الرفع له معنيان كما أنّ الوضع أيضا له معنيان ، وهما :
رفع الحكم الواقعي نفسه ويقابله وضع الحكم الواقعي ، ورفع وجوب الاحتياط عند الشكّ في الحكم الواقعي ويقابله وضع وجوب الاحتياط كذلك ، وهنا يكون الرفع ناظرا إلى رفع وجوب الاحتياط لا رفع الحكم الواقعي نفسه ، أي الرفع ناظر إلى أحد الفردين لا إليهما معا ولا إلى الرفع الواقعي.
وهذا أيضا فيه عناية زائدة وهي تطعيم الرفع هنا بالرفع الظاهري ، وهو خلاف الظاهر والسياق ؛ لأنّ الرفع الظاهري لا معنى له في سائر الفقرات إذ المرفوع فيها الحكم الواقعي نفسه ، وعليه فيتعيّن الحمل على الرفع الواقعي.