الموضوع معا ؛ وذلك لأنّ عنوان الشيئيّة عامّ ومبهم يصدق حقيقة على التكليف وعلى الموضوع ؛ لأنّ كلاّ منهما يسمّى بـ ( الشيء ) ، وحينئذ يكون مفاد الحديث أنّه رفع الشيء الذي لا يعلمونه ، فيشمل كلّ شيء قابلا للرفع والوضع شرعا.
وقد اعترض صاحب ( الكفاية ) (١) على ذلك بأنّ إسناد الرفع إلى التكليف حقيقي وإسناده إلى الموضوع مجازي ، ولا يمكن الجمع بين الإسنادين الحقيقي والمجازي.
واعترض صاحب ( الكفاية ) على ما ذكر من تصوير الجامع بالشيء بأنّه يلزم منه استعمال الموصول في إسنادين أحدهما حقيقي والآخر مجازي ، وهو مستحيل.
وبيان ذلك : أنّ إسناد الرفع إلى الحكم في الشبهات الحكميّة يكون إسنادا حقيقيّا ؛ لأنّ الحكم بيد الشارع وضعه ورفعه في عالم التشريع الذي هو موطن الحكم حقيقة.
بينما إسناد الرفع إلى الموضوع مجازي ؛ وذلك لأنّ الموضوع متحقّق في عالم الخارج والتكوين ، فالفعل المضطرّ إليه واقع في الخارج وكذا الموضوع المشكوك فإنّه موجود في الخارج ، فرفعه كان بلحاظ الآثار المترتبة عليه من نفي الحكم التكليفي أو الوضعي وهكذا ، فكان إسناد الرفع إلى الموضوع مجازيّا.
وحينئذ فإن كان اسم الموصول مستعملا في الإسنادين معا لزم المحذور وهو استعمال اللفظ الواحد في معنيين متغايرين ، فإنّه مستحيل ؛ لأنّ اللفظ يفنى في المعنى الأوّل ولا يمكن أن يفنى في المعنى الآخر أيضا.
وحاول المحقّق الأصفهاني (٢) أن يدفع هذا الاعتراض ، بأنّ من الممكن أن يجتمع وصفا الحقيقيّة والمجازيّة في إسناد واحد باعتبارين ، فبما هو إسناد للرفع إلى هذه الحصّة من الجامع حقيقي ، وبما هو إسناد له إلى الأخرى مجازي.
وأجاب المحقّق الأصفهاني على اعتراض صاحب ( الكفاية ) ، بأنّ الجمع بين الإسنادين الحقيقي والمجازي في استعمال واحد ممكن لكن باعتبارين وجهتين لا من جهة واحدة.
__________________
(١) حاشية فرائد الأصول : ١٩٠.
(٢) نهاية الدراية ٤ : ٤٩.