وتوضيح ذلك : أنّ الحقيقة والمجاز متقابلان في الاعتبار والاستعمال لا في الواقع والحقيقة ، كما هو الحال بالنسبة للضدّين أو النقيضين.
وعليه ، فإذا كان الاعتبار مختلفا فلا محذور ، وهنا الأمر كذلك ، فإنّ الرفع بلحاظ هذه الحصّة الخاصّة من الجامع يكون حقيقيّا أي رفع الحكم ، وبلحاظ تلك الحصّة يكون مجازيّا أي بلحاظ الموضوع ، فاختلف الإسناد نتيجة اختلاف الحصّة المراد رفعها من حصص الجامع ، لا أنّ الجامع نفسه يلحظ فيه الإسنادين معا ، وإنّما يلحظ الإسناد بلحاظ واعتبار الحصّة.
وهذا نظير اختلاف الجهة وتعدّد اللحاظ والاعتبار في غير الموصول من المفاهيم الكلّيّة والجزئيّة ، فالإنسان عالم وجاهل أي عالم بلحاظ هذا الفرد وجاهل بلحاظ الفرد الآخر ، وهكذا.
وهذه المحاولة ليست صحيحة ؛ إذ ليس المحذور في مجرّد اجتماع هذين الوصفين في إسناد واحد ، بل يدّعى أنّ نسبة الشيء إلى ما هو له مغايرة ذاتا لنسبة الشيء إلى غير ما هو له.
فإن كان الإسناد في الكلام مستعملا لإفادة إحدى النسبتين اختصّ بما يناسبها ، وإن كان مستعملا لإفادتهما معا فهو استعمال لهيئة الإسناد في معنيين ، ولا جامع حقيقي بين النسب لتكون الهيئة مستعملة فيه.
ويرد على هذه الإجابة التي ذكرها المحقّق الأصفهاني بأنّها لا تكفي لرفع الاعتراض المذكور.
وتوضيح ذلك : أنّ الاعتراض كانت النكتة فيه أنّه لا يمكن الجمع بين الإسنادين الحقيقي والمجازي في كلام واحد.
وهذا إن كان النظر فيه إلى عالم الصدق الخارجي ، وأنّه كيف يمكن أن ينطبق استعمال واحد على إسنادين متغايرين ذاتا؟
كان جوابه ما ذكره المحقّق الأصفهاني من أنّ هذا الاستعمال الواحد باعتبار هذه الحصّة الخارجيّة يكون حقيقيّا وباعتبار تلك الحصّة يكون مجازيّا ، أي أنّه باختلاف الاعتبار صدق الاستعمال الواحد على إسنادين متغايرين.
إلا أنّ النظر ليس إلى عالم الصدق الخارجي ، وإنّما النظر فيه إلى عالم الاستعمال