الاعتراضات العامّة
ويعترض على أدلّة البراءة المتقدّمة باعتراضين أساسيّين :
أحدهما : أنّها معارضة بأدلّة تدلّ على وجوب الاحتياط ، بل هذه الأدلّة حاكمة عليها ؛ لأنّها بيان للوجوب وتلك تتكفّل جعل البراءة في حالة عدم البيان.
بعد الفراغ عن ثبوت البراءة الشرعيّة من الآيات والروايات قد يعترض عليها باعتراضين مهمّين هما :
الاعتراض الأوّل : أنّ البراءة المستفادة من الآيات والروايات معارَضة بأدلّة تدلّ على وجوب الاحتياط ، بل يمكن أن يقال : إنّ هذه الأدلّة حاكمة ومقدّمة على أدلّة البراءة.
وتوضيح ذلك : أنّ البراءة إذا كان مفادها أنّ التأمين وإطلاق العنان مجعول في مورد الشكّ في الحكم الواقعي والجهل به ، فهذا يعني أنّ موضوعها عدم العلم بالواقع فتكون معارضة بأدلّة الاحتياط التي موضوعها أيضا عدم العلم ، فيكون لدينا حكمان ظاهريّان متغايران منصبّان على موضوع واحد.
وأمّا إذا كانت البراءة والتأمين مجعولة في مورد عدم العلم والبيان الأعمّ من الواقعي والظاهري ، فهذا يعني أنّه مع عدم بيان الحكم الواقعي ، ومع عدم بيان الاحتياط تكون البراءة ثابتة ، فهنا تكون أدلّة الاحتياط حاكمة ومقدّمة ؛ لأنّها تثبت البيان الظاهري ، فيرتفع موضوع البراءة.
والحاصل : أنّ كون أدلّة الاحتياط معارضة أو حاكمة مرتبط بالدليل الدالّ على البراءة ، فإن كان الدليل مثل قوله تعالى : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) كان الاحتياط رسولا وبيانا فيكون حاكما ، وإن كان الدليل مثل قوله ( عليهالسلام ) : « رفع ما لا يعلمون » كان الاحتياط معارضا ؛ لأنّ موضوعه عدم العلم الواقعي.