وعلى هذا الأساس يمكننا أن نفسّر ما هو المرتكز عند الأصوليّين من تقديم الأمارات على الأصول ، ومن كون مثبتات الأمارة ولوازمها حجّة دون الأصل ، وذلك على أساس أنّ الكاشفيّة الموجودة في الأمارة نسبتها إلى المدلول المطابقي والمدلول الالتزامي على حدّ واحد ، فهي كما تكشف عن المؤدّى تكشف عن كلّ لوازمها بنسبة واحدة ، فحينما تجعل الحجّيّة لها على أساس قوّة الكاشفيّة فهذا يعني أنّ الحجّيّة ثابتة للمدلولين معا.
بينما في الأصل لم يلحظ إلا أنّ هذا الحكم الذي يحكي عنه الأصل ثابت ، وأمّا لوازمه ومثبتاته فلم تجعل لها الحجّيّة ؛ لعدم نظر دليل الحجّيّة ؛ إليها ، ومعه يمكن للشارع أن يتعبّد بالمدلول المطابقي دون المدلول الالتزامي ظاهرا وإن كانا متلازمين واقعا.
وعلى هذا الأساس أيضا تتقدّم الأمارة على الأصل ؛ لأنّها أخصّ من الأصل ونصّ في موردها ، فتقدّم بنكتة الأخصّيّة والنصّيّة على ما سوف يأتي تحقيقه في بحث التعارض.
* * *