استحباب الاحتياط
عرفنا سابقا (١) عدم وجوب الاحتياط ، ولكنّ ذلك لا يحول دون القول بمطلوبيته شرعا واستحبابه ؛ لما ورد في الروايات (٢) من الترغيب فيه ، والكلام في ذلك يقع في نقطتين :
بعد أن عرفنا عدم وجوب الاحتياط شرعا في الشبهات البدوية ؛ لعدم تماميّة أدلّته سندا أو دلالة أو لمعارضتها بأدلّة البراءة التي كانت أقوى منها وأرجح كما تقدّم ، نبحث حول حسن الاحتياط عقلا واستحبابه شرعا.
فنقول : لا إشكال في أنّ العقل يحكم بحسن الاحتياط في الشبهات البدويّة ، كما أنّ الصحيح استحباب الاحتياط شرعا ؛ لأنّ ما دلّ على وجوب الاحتياط من الآيات والروايات تدلّ بالالتزام على كونه مطلوبا وراجحا ، وحيث إنّ المدلول المطابقي لهذه الأدلّة قد سقط فيبقى المدلول الالتزامي ، بل بعض الروايات كما قلنا ظاهرة في الترغيب والحثّ على الاحتياط ، وهو يفيد الرجحان وأصل المطلوبيّة ، ولأجل استيعاب البحث يقع الكلام في نقطتين :
الأولى : في إمكان جعل الاستحباب المولوي على الاحتياط ثبوتا ، إذ قد يقال بعدم إمكانه فيتعيّن حمل الأمر بالاحتياط على الإرشاد إلى حسنه عقلا ؛ وذلك لوجهين :
النقطة الأولى : في إمكانيّة جعل الاستحباب الشرعي المولوي للاحتياط ثبوتا ، أي في أصل معقوليّة جعل مثل هذا الاستحباب النفسي للاحتياط في عالم الجعل والتشريع ، إذ يقال ـ كما عن مدرسة الميرزا ـ : إنّ جعل الاستحباب الشرعي له
__________________
(١) ضمن أدلّة البراءة من الكتاب والسنّة.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢.