حكم به العقل وبين حكم الشارع على طبقه ، بل قد يحكم وقد لا يحكم.
وثانيا : لو سلّم المبنى الذي ذكره الميرزا فلا يتمّ ما ذكره فيه بالنسبة للاحتياط ؛ لأنّنا لو قلنا : إنّه توجد ملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع فيما إذا كان حكم العقل واقعا في سلسلة العلل لا المعلولات ، فهذا تطبيقه على محلّ بحثنا غير صحيح ؛ لأنّنا لا نريد أن نثبت استحباب الاحتياط شرعا اعتمادا على الملازمة المذكورة ، أي بين حسن الشيء عقلا واستحبابه شرعا ليشكل الميرزا بما ذكره. وإنّما الاحتياط الشرعي ثابت استحبابه لقيام الدليل الخاصّ عليه.
وإنّما نريد أن نتساءل أنّه هل يوجد محذور ومانع عقلي من ثبوت الاستحباب الشرعي للاحتياط أو لا؟ أي أنّنا بعد الفراغ من ثبوت استحبابه شرعا لقيام الدليل عليه نريد أن نبحث في وجود المانع وعدمه ، فما ذكره الميرزا خارج عن محلّ بحثنا.
ويدلّ على ذلك : أنّنا لو كنّا نريد اثبات استحباب الاحتياط الشرعي على أساس الملازمة بين العقل والشرع لكان اللازم كون الاحتياط ثابتا فيما إذا أتي به بداعي التقرّب لله عزّ وجلّ فقط ؛ لأنّ العقل يحكم بحسن الاحتياط والتجنّب عن مخالفة الواقع المشكوك من باب الانقياد لله تعالى.
والمفروض أنّ الاحتياط الثابت شرعا بأدلّته الخاصّة ثابت مطلقا سواء أتى المكلّف به من باب الانقياد والتقرّب أم لا ؛ لأنّ أدلّته مطلقة تشمل كلا الأمرين ؛ لأنّها تجعل الاستحباب إمّا لنفس الاحتياط بملاكات خاصّة ، وإمّا للاحتياط بملاك المحافظة على الواقع المشكوك مطلقا من دون تقييد ذلك بداعي التقرّب وغيره.
النقطة الثانية : أنّ الاحتياط متى ما أمكن فهو مستحبّ كما عرفت ، ولكن قد ويقع البحث في إمكانه في بعض الموارد.
وتوضيح ذلك : أنّه إذا احتمل كون فعل ما واجبا عباديّا ، فإن كانت أصل مطلوبيّته معلومة أمكن الاحتياط بالإتيان به بقصد الأمر المعلوم تعلّقه به ، وإن لم يعلم كونه وجوبا أو استحبابا فإنّ هذا يكفي في وقوع الفعل عباديّا وقربيّا.
النقطة الثانية : بعد أن ثبت كون الاحتياط مستحبّا شرعا وحسنا عقلا ، يقع البحث في أنّ استحباب الاحتياط لا إشكال في وقوعه في الواجبات التوصّليّة ، وأمّا الواجبات العباديّة فيشكل الاحتياط فيها ، فهنا مطلبان :