الإناءين يكون قد خالف الجامع المعلوم قطعا ، فيكون مستحقّا للعقاب لتماميّة البيان على الجامع.
والوجه في ذلك :
أمّا على الأوّل فواضح ، وأمّا على الثاني فلأنّ الجامع معلوم ضمنا حتما ، وعليه يحكم العقل بتنجّز الجامع ، ومخالفة الجامع إنّما تتحقّق بمخالفة كلا الطرفين ؛ لأنّ ترك الجامع لا يكون إلا بترك كلا فرديه ، وهذا يعنى حرمة المخالفة القطعيّة عقلا للتكليف المعلوم بالإجمال.
وأمّا الوجه في كون العلم الإجمالي منجّزا لحرمة المخالفة القطعيّة على القول بأنّ العلم الإجمالي علم بالجامع وشكّ في الفرد فواضح ؛ لأنّ الجامع معلوم تفصيلا حيث تمّ البيان القطعي عليه ، ومعه فيحكم العقل بلزوم الامتثال والإطاعة لهذا الجامع وحرمة المخالفة والمعصية من حيث إنّه تكليف معلوم فيدخل في العهدة والذمّة.
فإن كانت المخالفة القطعيّة جائزة لزم التنافي والتهافت ؛ لأنّ معنى المخالفة القطعيّة جواز ارتكاب كلا الإناءين أو جواز ترك كلتا الصلاتين ، وهذا يعني مخالفة الجامع ؛ لأنّ الجامع موجود ضمن الطرفين ، فمع مخالفتهما تتحقّق مخالفة الجامع ، والمفروض أنّ الجامع يجب امتثاله وإطاعته.
وأمّا الوجه في ذلك بناء على القول بأنّ العلم الإجمالي علم بالواقع أو بالفرد المردد ، فالجامع نفسه غير منجّز ؛ لعدم تماميّة البيان عليه مباشرة ، إلا أنّه لمّا كان الجامع موجودا ضمن أفراده في الخارج ، فحيث إنّ الفرد الواقعي هو المنجّز فيكون الجامع الموجود ضمنه منجّزا أيضا ، فيحكم العقل بلزوم امتثاله وحرمة مخالفته ، ومخالفة الجامع هنا تكون بترك كلا الطرفين أو بارتكاب كلا الطرفين ؛ لأنّ الجامع موجود ضمنا في أحدهما الواقعي غير المعلوم تفصيلا ، وبالتالي سوف يقع في التنافي والتهافت بين الجامع المعلوم ضمنا وبين ترك كلا الطرفين أو ارتكابهما معا.
وهذا المقدار يسمّى منجّزيّة العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة ، وهو ممّا لا إشكال فيه عند أحد.
وإنّما المهمّ البحث في تنجيز العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة عقلا ، فقد وقع الخلاف في ذلك :