وهذا المبنى يشتمل على جانب إيجابي وهو اشتمال العلم الإجمالي على العلم بالجامع وهذا واضح بداهة ، وعلى جانب سلبيّ وهو عدم تعدّي العلم من الجامع.
الاتّجاه الأوّل : ما اختاره المحقّقان النائيني والأصفهاني ، وحاصله : أنّ العلم الإجمالي عبارة عن علم تفصيلي بالجامع وشكّ في الأطراف ، أي شكّ بدوي في كلّ فرد فرد من الأفراد التي وقعت ضمن دائرة العلم الإجمالي.
وبتعبير آخر : يمكننا تحليل العلم الإجمالي إلى جانبين : أحدهما إيجابي والآخر سلبي.
أمّا الجانب الإيجابي فهو العلم بالجامع بنحو تفصيلي ؛ لأنّ من يعلم بوجوب الظهر أو الجمعة يعلم تفصيلا بوجوب صلاة ما.
وأمّا الجانب السلبي فهو أنّ هذا العلم الإجمالي لا يتعدّى ولا يسري إلى الأطراف ، بل هذه الأطراف مشكوكة في نفسها ، فالظهر في نفسه مشكوك والجمعة في نفسها مشكوكة أيضا ، إذ لا يعلم بوجوب إحداهما بنحو تفصيلي ؛ وإلا لصار العلم تفصيليّا.
ثمّ إنّ المحقّق الأصفهاني برهن على صحّة هذا الاتّجاه بقوله :
وبرهانه : أنّه لو فرض وجود علم يزيد على العلم بالجامع فهو : إمّا أن يكون بلا متعلّق ، أو يكون متعلّقا بالفرد بحدّه الشخصي المعيّن ، أو بالفرد بحدّ شخصيّ مردّد بين الحدّين أو الحدود ، والكلّ باطل.
أمّا الأوّل فلأنّ العلم صفة ذات الإضافة ، فلا يعقل فرض انكشاف بلا منكشف.
وأمّا الثاني فلبداهة أنّ العالم بالإجمال لا يعلم بهذا الطرف بعينه ولا بذاك بعينه.
وأمّا الثالث فلأنّ المردّد إن أريد به مفهوم المردّد فهذا جامع انتزاعي ، والعلم به لا يعني تعدّي العلم عن الجامع ، وإن أريد به واقع المردّد فهو ممّا لا يعقل ثبوته فكيف يعقل العلم به؟ لأنّ كلّ ما له ثبوت فهو متعيّن بحدّ ذاته في أفق ثبوته.
والبرهان على صحّة هذا الاتّجاه ، وأنّه لا يوجد إلا علم تفصيلي واحد وهو العلم