بالجامع فقط أن يقال : إنّه لو فرض وجود علم آخر غير العلم بالجامع ، فهذا العلم لا يخلو من أحد أمور أربعة ، وهي :
١ ـ أن يكون هذا العلم لا متعلّق له أي علم بلا معلوم.
٢ ـ أن يكون لهذا العلم متعلّق ومتعلّقه الفرد الشخصي المتعيّن في الخارج بحدّه الشخصي ، أي هذا الفرد بعينه.
٣ ـ أن يكون متعلّقه الفرد المردّد بين الفردين أو بين الأفراد ، أي أحدهما.
٤ ـ أن يكون متعلّقه كلا الفردين معا بحدّهما الشخصي أي كلاهما.
وكلّ هذه الاحتمالات باطلة :
أمّا الأوّل : فهو خلف حقيقة العلم ؛ لأنّ العلم صفة من صفات ذات الإضافة ، فهو يحتاج دائما إلى متعلّق وموصوف ، ولا يمكن تعقّله من دون ذلك ، ففرض عدم وجود متعلّق للعلم يعني أنّه لا علم إذ لا معلوم.
وبتعبير آخر : أنّ حقيقة العلم هي كونه كاشفا فلا بدّ أن يكون هناك منكشف ؛ إذ لا يعقل الكاشف من دون فرض الانكشاف والمنكشف ، نظير العلّة والمعلول فكون شيء علّة يعني وجود معلول له.
وأمّا الثاني : فهو يوجب الانقلاب ؛ لأنّ المفروض أنّه يوجد لدينا علم إجمالي بوجوب إحدى الصلاتين الظهر أو الجمعة ، ففرض أنّ هذا العلم له متعلّق ومتعلّقه أحد الطرفين بحدّه الشخصي المتعيّن في الخارج ، معناه أنّ العلم سرى إلى الفرد المعيّن فصار وجوب الظهر معلوما بالتفصيل أو وجوب الجمعة كذلك ، وهذا معناه أنّنا نعلم تفصيلا بالفرد والطرف ، وهذا خلاف المفروض من أنّنا نعلم إجمالا.
وأمّا الثالث : فلأنّ كون متعلّق العلم هو الفرد المردّد يحتمل أحد أمرين :
الأول : أن يكون المراد مفهوم الفرد المردّد أي عنوان ( أحدهما ) بما هو صورة ذهنيّة تعلّق بها العلم ، فهذا العنوان أي ( أحدهما ) عنوان انتزاعي من الفردين جامع بينهما ؛ لأنّه يصدق في الخارج على هذا وعلى ذاك ، فإذا فرض أنّه متعلّق للعلم كان معناه أنّ العلم متعلّق بالجامع ؛ لأنّ هذا العنوان لم يتعدّ إلى الفرد ، فهو نفس العلم السابق المتعلّق بالجامع ، وليس شيئا زائدا عليه وإنّما هو تعبير آخر عنه فقط.
الثاني : أن يكون المراد واقع الفرد المردّد أي عنوان ( أحدهما ) الموجود في