الخارج والواقع ، فهذا مستحيل ؛ لأنّ عنوان أحدهما أو الفرد المردّد لا وجود له في الخارج ؛ إذ الموجود في الخارج الفرد المشخّص بحدّه الشخصي لا المردّد ، والعنوان والمفهوم لا يمكن وجوده في الخارج إلا ضمن المصداق الجزئي ؛ لأنّ كلّ ما هو ثابت في الواقع والخارج إنّما يكون ثابتا بشخصه وحده الذي يميّزه عن غيره ، فهذا العنوان إن ادّعي ثبوته بهذا الفرد بعينه وشخصه عاد إلى الاحتمال الثاني وفيه ما تقدّم ، وإن كان ثابتا لوحده فهذا غير معقول ؛ إذ لا ثبوت للمفهوم أي ضمن الحدّ الشخصي.
وأمّا الرابع : وهو أن يكون العلم متعلّقا بالفردين فهو واضح البطلان ؛ ولذلك لم يذكره هنا ، ووجهه أنّ المفروض أنّنا نعلم بوجوب صلاة من الصلاتين لا أنّنا نعلم بوجوب كلتا الصلاتين ، فهذا خلاف ما هو المفروض.
وبهذا ظهر أنّ كلّ الاحتمالات المذكورة باطلة ، فيتعيّن ألاّ يكون هناك علم آخر سوى العلم التفصيلي بالجامع ، وأمّا الأفراد فلا يمكن تعلّق العلم بها بأي نحو من الأنحاء ، فتكون مشكوكة بالشكّ المقترن بالعلم السابق.
الثاني : المبنى القائل بأنّ العلم في موارد العلم الإجمالي يسري من الجامع إلى الحدّ الشخصي ، ولكنّه ليس حدّا شخصيّا معيّنا ؛ لوضوح أنّ كلاّ من الطرفين بحدّه الشخصي المعيّن ليس معلوما ، بل حدّا مردّدا في ذاته بين الحدّين.
وهذا ما يظهر من صاحب ( الكفاية ) اختياره ، حيث ذكر في بحث الواجب التخييري من ( الكفاية ) (١) : ( أنّ أحد الأقوال فيه هو كون الواجب الواحد المردّد ) وأشار في تعليقته على ( الكفاية ) إلى الاعتراض على ذلك : بأنّ الوجوب صفة ، وكيف تتعلّق الصفة بالواحد المردّد مع أنّ الموصوف لا بدّ أن يكون معيّنا في الواقع؟
وأجاب على الاعتراض : بأنّ الواحد المردّد قد يتعلّق به وصف حقيقي ذو الإضافة كالعلم الإجمالي ، فضلا عن الوصف الاعتباري كالوجوب.
الاتّجاه الثاني : ما اختاره صاحب ( الكفاية ) في حاشية ( الكفاية ) على الواجب التخييري ، حيث قال : إنّ أحد الأقوال في الواجب التخييري كونه الواحد المردّد ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٧٥.