الأوّل : النهي عن نقض اليقين بالشكّ ، وهذا يستلزم إجراء الاستصحاب في كلّ الأطراف ؛ لأنّ كلّ طرف في نفسه مشكوك مع كونه متيقّنا في السابق ، ففي موردنا نعلم بأنّ هذه الإناءات جميعا كانت نجسة ونشكّ في طهارة كلّ واحد منها ، فنستصحب بقاء النجاسة المتيقّنة ؛ لأنّ رفع اليد عنها معناه نقض اليقين بالشكّ وهو غير جائز.
الثاني : الأمر بنقض اليقين باليقين وهذا يستلزم عدم إجراء الاستصحاب في تمام الأطراف ، بل لا بدّ من رفع اليد عنه في بعضها إجمالا ؛ لأنّه في المثال المذكور كما نعلم بنجاسة الإناءات سابقا ، كذلك نعلم إجمالا بوجود طاهر بينها ؛ لأنّنا نعلم بطروّ الطهارة على أحدها غير المعيّن ، وحينئذ يجب أن نرفع اليد عن نجاسة أحدهما ؛ لأنّ هذا ليس من نقض اليقين بالشك المنهي عنه ، بل هو من نقض اليقين باليقين.
وعليه فبلحاظ الطاهر الواقعي يلزم المحذور ؛ لأنّه من جهة يجري فيه استصحاب النجاسة لجريانه في كلّ طرف مشكوك ، ومن جهة أخرى يجب رفع اليد عن النجاسة بلحاظه ؛ لأنّه طاهر يقينا ، وهذا معناه جريان الاستصحاب فيه وعدم جريانه أيضا ومقتضى التعارض التساقط ، فلا يجري فيه الأصل المنجّز.
والجواب أوّلا : أنّ هذا إنّما يوجب الإجمال في ما اشتمل من روايات الاستصحاب على الأمر والنهي معا ، لا فيما اختصّ مفاده بالنهي فقط.
الجواب الأوّل : أنّ هذا الإشكال لو سلّم فغاية ما يلزم كون هذه الألسنة من الروايات التي جمعت بين النهي والأمر معا ساقطة عن الحجّيّة في موردنا ؛ لأنّه لا يمكن أن يجتمع الأمر بنقض اليقين باليقين والنهي عن نقض اليقين بالشكّ في مورد واحد ؛ لاستلزامه التهافت.
إلا أنّه توجد روايات أخرى جاء في مفادها التعبير بالنهي أي لا تنقض اليقين بالشكّ من دون الأمر أي بنقض اليقين باليقين ، وهذا يعني أنّه لا تهافت فيها ؛ إذ لا تجمع بين الأمرين معا.
وهذا كما في قوله ( عليهالسلام ) : « وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا » ، فهذا النحو من الروايات ناظر إلى جانب إجراء الاستصحاب ، وأنّه ما دام اليقين السابق موجودا فلا يجوز نقضه بالشكّ ، فيجري استصحاب النجاسة في تمام