الإناءات في موردنا ، ولا يعارضه العلم الإجمالي بطهارة أحدها واقعا ؛ لما تقدّم من الجمع بين الحكمين الواقعي والظاهري.
والحاصل : أنّ التعارض والتساقط الموجود في تلك الرواية التي جمعت بين النهي والأمر لا يعني أنّه يوجد تعارض في كلّ روايات الاستصحاب حتّى التي لم تجمع بين الأمر والنهي ، بل تكون سالمة عن المعارضة والتهافت.
وثانيا : أنّ ظاهر الأمر بنقض اليقين باليقين أن يكون اليقين الناقض متعلّقا بعين ما تعلّق به اليقين المنقوض ، وهذا غير حاصل في المقام ؛ لأنّ اليقين المدّعى كونه ناقضا هو العلم الإجمالي بالحكم الترخيصي ، ومصبّه ليس متّحدا مع مصبّ أي واحد من العلوم التفصيليّة المتعلّقة بالحالات السابقة للإناءات.
الجواب الثاني : أنّ محذور التهافت غير صحيح في نفسه ؛ وذلك لأنّ الرواية ناظرة إلى موضوع واحد ، فتارة يتعلّق به اليقين ويطرأ عليه الشكّ ، فنقول : إنّ هذا اليقين لا تنقضه بالشكّ بل يبقى على حاله وهو معنى الاستصحاب ، وأخرى يطرأ على هذا اليقين يقين آخر مخالف له ، فهنا يكون اليقين الثاني المخالف له ناقضا له ؛ كما إذا كنّا على علم من نجاسة هذا الثوب ثمّ علمنا بطهارته بعد ذلك ، فهذا اليقين بالطهارة لا إشكال في كونه ناقضا ورافعا لليقين بالنجاسة ، وهنا يجب العمل على اليقين الثاني لارتفاع اليقين الأوّل ، ولا يمكن أن يجتمع كلا الأمرين بأن يكون الثوب مشكوكا ومتيقّنا بأنّه طاهر ؛ للزوم التهافت.
وفي موردنا لا يوجد تهافت ، وذلك بأن نقول : إنّ كلّ واحد من الإناءات كان متيقّن النجاسة في نفسه ، أي معلوم تفصيلا بأنّه نجس ثمّ طرأت عليه حالة الشكّ ، أي كلّ واحد صار مشكوك النجاسة فيما بعد ، حيث يشكّ في أنّه طهّر أم لا ، فهنا نجري استصحاب بقاء النجاسة على أساس الفقرة الأولى أي لا تنقض اليقين بالشكّ.
ثمّ بعد ذلك علمنا إجمالا بوجود إناء طاهر بين هذه الإناءات ، وهذا العلم بالطهارة لو كان علما تفصيليّا بأن علمنا بأنّ هذا الإناء هو الطاهر ، لكان يجب علينا أن ننقض اليقين بالنجاسة سابقا باليقين بالطهارة لاحقا في خصوص هذا الإناء تطبيقا للفقرة الثانية.