كلّ من الطرفين بنحو مشروط ) وبين الحكم الواقعي المعلوم بالإجمال وهو هنا ( نجاسة أحد الإناءين مثلا ) إنّما يتصوّر في ثلاث مراحل :
الأولى : أن يكون التنافي بلحاظ نفس جعل الحكمين الترخيصي الظاهري والإلزامي الواقعي على مورد واحد ، فإنّ الترخيص والإلزام من الأحكام التكليفيّة المتضادّة في نفسها ، فيستحيل اجتماعهما معا على مورد واحد.
الثانية : أن يكون التنافي بلحاظ المبادئ والملاكات التي ينشأ منها الحكمين الترخيصي والإلزامي ، فإنّ الترخيص ينشأ من ملاكات واقعيّة في أن يكون المكلّف مطلق العنان ، أو من خلوّ الفعل من مصلحة ملزمة أو من مفسدة ملزمة.
بينما الإلزام ينشأ من ملاكات واقعيّة في وجود مصلحة ملزمة أو مفسدة ملزمة ، ولا يمكن أن يجتمع في شيء واحد مبادئ وملاكات الترخيص والإلزام ؛ لأنّه يؤدّي إلى اجتماع المصلحة أو المفسدة مع التسهيل وإطلاق العنان في وقت واحد ، وهو مستحيل.
الثالثة : أن يكون التنافي بين الترخيص والإلزام بلحاظ عالم المتطلّبات والامتثال ، فإنّ فعليّة الترخيص معناها أن يكون المكلّف مطلق العنان إن شاء فعل وإن شاء ترك ، بينما فعليّة الإلزام معناها لزوم الإتيان بالفعل أو لزوم تركه ، ولذلك لا يمكن اجتماعهما معا للتنافي بين الإلزام في الفعل أو الترك وبين الترخيص في الفعل والترك ؛ إذ لا يمكن أن يكون شيء واحد يجوز فعله وتركه ويجب فعله أو تركه في آن واحد.
وفي مقامنا لا يوجد تناف بين الحكمين الظاهري والواقعي في شيء من هذه المراحل الثلاث.
أمّا المرحلة الأولى : فلا تناف بين نفس جعل الحكم الظاهري وبين نفس جعل الحكم الواقعي ؛ لأنّ الجعل على رأي السيّد الخوئي عبارة عن الاعتبار وهو سهل المئونة ، إذ لا تناف بين الترخيص والإلزام ما داما لفظيّين اعتباريّين خاليين عن أي معنى ومضمون.
وأمّا المرحلة الثانية : فلا تناف في المبادئ والملاكات بين الحكم الظاهري وبين الحكم الواقعي ؛ لأنّ المتعلّق لهذه المبادئ والملاكات مختلف بينهما كما هو