وأمّا رفع اليد عن الإطلاق الأفرادي والأحوالي في أحد الطرفين فإن كان المراد به أحدهما المعيّن لزم الترجيح بلا مرجّح ؛ لأنّ نسبة الأصل إلى الطرفين على حدّ واحد ، وكذلك نسبة إطلاق دليل الأصل إليهما فإنّها على حدّ واحد أيضا.
وإن كان المراد به أحدهما على نحو التخيير فيكون إبقاء الإطلاقين الأفرادي والأحوالي في هذا الطرف معارضا بإبقائهما في ذاك الطرف ، أي أنّ ما يبقى بعد التقييد له معارض.
وحينئذ يأتي الكلام السابق من أنّ التقييد الذي ليس له معارض أولى من التقييد الذي له معارض ، فيكون ترجيحه بموجب وبمرجح (١).
الرابع : أنّ الحكم الظاهري يجب أن يكون محتمل المطابقة للحكم الواقعي ، والترخيص المشروط ليس كذلك ؛ لأنّ ما هو ثابت في الواقع : إمّا الحرمة المطلقة وإمّا الترخيص المطلق.
الجواب الرابع : ما ذكره السيّد الخوئي أيضا : من أنّ الترخيص المشروط يستحيل صدوره من الشارع ؛ وذلك لأنّ الترخيص المفروض هنا حكم ظاهري لا واقعي.
والحكم الظاهري يشترط في صدوره من الشارع أن يكون من المحتمل موافقته للواقع ، إذ لو كان محرز المخالفة للواقع فلا معنى لجعله وتشريعه ؛ لأنّه يكون من باب تشريع المخالفة للواقع وهو محال صدوره من الشارع الحكيم.
__________________
(١) وثانيا : أنّ التقييد يجب أن يتحدّد بمقدار الضرورة والمحذور ، والمحذور نشأ من الإطلاق الأحوالي في الطرفين لا من الإطلاق الأفرادي ، ولذلك لا موجب لرفع اليد عن الإطلاق الأفرادي لا فيهما ولا في أحدهما ؛ لأنّه بلا مبرّر.
وثالثا : أن الإطلاق الأحوالي ساقط على كلّ حال ، أي سواء رفعنا اليد عن الإطلاق الأفرادي أم لا ؛ لأنّه إذا رفعنا اليد عن الإطلاق الأفرادي فيهما أو في أحدهما فالإطلاق الأحوالي ساقط لا محالة ؛ لانتفاء موضوعه.
وإذا أبقينا الإطلاق الأفرادي في كلّ منهما فالإطلاق الأحوالي ساقط أيضا ؛ لأنّ بقاءه يؤدّي إلى المخالفة القطعيّة والترخيص في الطرفين الممنوع عقلا على مسلك المشهور ، فلا معنى لفرض سقوط الإطلاق الأفرادي أيضا لا فيهما ولا في أحدهما.
أمّا الأوّل فلأنّه عناية زائدة عن مقدار الضرورة كما تقدّم سابقا ، وأمّا الثاني فلأنّه ترجيح لسقوطه في أحدهما دون الآخر من دون مرجّح كما تقدّم آنفا.