تشمل الطرفين ، كلّ منهما مشروط بترك ارتكاب الآخر ، فسوف يكون إجراء البراءة في أحدهما معذّرا وعدم جريانها في الآخر منجّزا له على أساس حكم العقل بذلك عند عدم وجود المؤمّن ، ولا دليل على اشتراط شيء آخر زائدا عمّا ذكر.
نعم ، إذا أحرز أنّ الحكم الظاهري مخالف للواقع فلا يؤخذ به من باب مخالفته للعلم المذكور لا من باب أنّه يشترط فيه الموافقة الاحتماليّة للواقع ، إذ مع مخالفته للعلم لا يكون منجّزا ولا معذّرا كما هو واضح.
الخامس : وهو التحقيق في الجواب ، وحاصله : أنّ مفاد دليل الترخيص الظاهري ومدلوله التصديقي هو إبراز عدم اهتمام المولى بالتحفّظ على الغرض اللزومي ، ومعنى افتراض ترخيصين مشروطين كذلك أنّ عدم اهتمام المولى بالتحفّظ على الغرض اللزومي في كلّ طرف منوط بترك الآخر ، وأنّه في حالة تركهما معا لا اهتمام له بالتحفّظ على الغرض اللزومي المعلوم إجمالا.
وكلّ هذا لا محصّل له ؛ لأنّ المعقول إنّما هو ثبوت مرتبة ناقصة من الاهتمام للمولى تقتضي التحفّظ الاحتمالي على الواقع المعلوم بالإجمال.
واستفادة ذلك من الترخيصين المشروطين المراد إثباتهما بإطلاق دليل الأصل لا يمكن إلا بالتأويل وإرجاعهما إلى الترخيص في الجامع أي في أحدهما.
وهذه العناية لا يفي بها إطلاق دليل الأصل.
الجواب الخامس : ما هو التحقيق والصحيح في الجواب عن اعتراض المحقّق العراقي ، وهذا الجواب يمكن تحليله وبيانه ضمن النقاط التالية :
الأولى : تقدّم سابقا أنّ الأحكام الظاهريّة مجعولة في مقام الشكّ والاشتباه وعدم تمييز الملاكات الواقعيّة ، فيكون الحكم الظاهري مبرّزا لما هو الأهمّ من الملاكات الواقعيّة بمدلوله المطابقي ، وبمدلوله الالتزامي ينفي اهتمام المولى بغير هذه الملاكات.
فالترخيص الظاهري معناه أنّ المولى يهتمّ بملاكات الترخيص الواقعيّة ، ولا يهتمّ بملاكات الإلزام ، ثمّ إنّ درجة اهتمامه بالترخيص تختلف شدّة وضعفا أي أنّه يوجد مرتبتان من الترخيص :
١ ـ إحداهما المرتبة العليا من الترخيص وهي تقتضي الترخيص في كلّ الأطراف ،