الأصول التنزيليّة والمحرزة
الأصول العمليّة الشرعيّة : تارة تكون مجرّد وظائف عمليّة بلسان إنشاء حكم تكليفي ترخيصي أو إلزامي بدون نظر بوجه إلى الأحكام الواقعيّة ، وهذه أصول عمليّة بحتة.
وأخرى تبذل فيها عناية إضافيّة إذ تطعّم بالنظر إلى الأحكام الواقعيّة ، وهذه العناية يمكن تصويرها بوجهين :
تقسّم الأصول العمليّة الشرعيّة إلى قسمين :
أحدهما : الأصول العمليّة الشرعيّة التي تحدّد الوظيفة العمليّة والموقف اتّجاه الواقعة المشكوكة ، من دون النظر إلى الأحكام الواقعيّة ، أي لا يوجد فيها شيء من الكاشفيّة والطريقيّة أصلا ، وإنّما تجعل لأجل التنجيز أو التعذير فقط ، كما هو الحال في البراءة والاحتياط فإنّ المنظور في البراءة التأمين والتعذير عن الواقعة المشكوكة ، والمنظور في الاحتياط تنجيزها ، ولا نظر فيهما إلى الحكم الواقعي بوجه من الوجوه ، لا بنحو إجمالي ولا بنحو تفصيلي ، وهذه تسمّى بالأصول العمليّة المحضة أو البحتة.
ثانيهما : الأصول العمليّة الشرعيّة التي ـ مضافا إلى أنّها تحدّد الوظيفة والموقف تجاه الواقعة المشكوكة ـ يوجد فيها عناية زائدة على ذلك وهي كونها ناظرة إلى الواقع بنحو من الأنحاء ، كما هو الحال في قاعدة الاستصحاب والفراغ ، فإنّ الاستصحاب كما أنّه يحدّد موقف الشاكّ كذلك فيه نظر إلى الواقع ؛ لأنّه يعتمد على أنّ الغالب فيما يوجد أن يبقى ، فينزّل المستصحب منزلة المتيقّن من حيث الآثار المترتّبة عليه.
والمنظور في قاعدة الفراغ مثلا أنّ الغالب الإتيان بالفعل على وجهه الصحيح استنادا إلى غلبة الانتباه والتذكّر أثناء العمل ، ومن هنا لا تجري القاعدة إذا ثبت الغفلة والنسيان.