والجزء الآخر لموضوع هذه الحرمة هو أن يكون الماء ملاقيا لهذه القطعة الحديديّة النجسة ، فسواء كانت هذه القطعة هي النجسة أم تلك فعلى كلّ تقدير هي جزء الموضوع.
ومثال الثاني ، ما إذا علم بنجاسة قطعة الحديد ، أو نجاسة هذا الثوب ، فهنا يعلم إجمالا بجامع النجاسة إلا أنّ النجاسة إذا كانت في قطعة الحديد فهي جزء الموضوع ، وإذا كانت في الثوب فهي تمام الموضوع ، فالمعلوم بالإجمال جزء الموضوع على بعض التقادير أي على تقدير كونه قطعة الحديد لا الثوب.
وعلى كلا التقديرين لا يكون هذا العلم الإجمالي منجّزا ؛ لأنّه لا يساوق العلم بالتكليف.
أمّا على الأوّل بأن يكون المعلوم جزء الموضوع على كلّ تقدير فواضح ؛ لأنّ ثبوت جزء الموضوع لا يثبت التكليف فلا علم بشيء من التكاليف.
وأمّا الثاني أي أن يكون المعلوم جزء الموضوع على بعض التقادير وتمامه على البعض الآخر فلا يكون منجّزا أيضا ؛ لأنّه لا يساوق العلم بالتكليف على كلّ تقدير أيضا بل على بعض التقادير ، ولذلك لا يعلم بالجامع بل يشكّ بالفرد ابتداء ، فتجري فيه البراءة أو الطهارة ونحوهما.
ومن هنا لا يكون العلم الإجمالي بنجاسة إحدى قطعتين من الحديد منجّزا ، خلافا للعلم الإجمالي بنجاسة أحد ماءين أو ثوبين.
أمّا الأوّل فلأنّ نجاسة قطعة الحديد ليست تمام الموضوع لتكليف شرعي ، بل هي جزء موضوع لحرمة الاجتناب عن الماء مثلا ، والجزء الآخر ملاقاة الماء للقطعة الحديديّة ، والمفروض عدم العلم بالجزء الآخر ، وأمّا الثاني فلأنّ نجاسة الماء تمام الموضوع لحرمة شربه.
وعلى أساس ما ذكرناه من اشتراط كون المعلوم بالإجمال تمام الموضوع لا جزءه ، نعرف أنّ العلم الإجمالي بنجاسة إحدى هاتين القطعتين من الحديد لا يكون منجّزا ، بينما العلم الإجمالي بنجاسة أحد الماءين أو أحد الثوبين يكون منجّزا.
والوجه في ذلك أنّ العلم الإجمالي الأوّل يساوق العلم بالتكليف ، بينما العلم الإجمالي الثاني يساوق العلم الإجمالي بالتكليف.