ثمّ إنّه لا فرق بين كون المعلوم بالإجمال تكليفا أو موضوعا للتكليف ، فهنا صورتان :
الأولى : أن يكون المعلوم بالإجمال تكليفا كما إذا علم بوجوب الظهر أو الجمعة ، فإنّه علم إجمالي بجامع الوجوب فالمعلوم هو الوجوب ، وهكذا. وهذا ما كان الكلام عنه فعلا فيما تقدّم.
الثانية : أن يكون المعلوم بالإجمال موضوعا للحكم الشرعي ، كما إذا علم بنجاسة هذا الثوب أو ذاك ، أو علم بنجاسة هذا الثوب أو نجاسة ذاك الإناء ، فهنا نجاسة الثوب ونجاسة الماء ليست حكما شرعيّا ، وإنّما نجاسة الثوب يترتّب عليها حكم شرعي كعدم جواز الصلاة فيه مثلا ، ونجاسة الماء كذلك فإنّه يترتّب عليها عدم جواز شربه وعدم صحّة الوضوء به.
فالعلم الإجمالي بالموضوع يساوق عمليّا العلم الإجمالي بالتكليف.
إلا أنّه يشترط في منجّزيّة هذا العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة ، ووجوب الموافقة القطعيّة ، أن يكون الموضوع المعلوم إجمالا تمام الموضوع للتكليف الشرعي كالمثالين المذكورين ، فإنّ نجاسة الماء تمام الموضوع لعدم جواز الشرب ولعدم صحّة الوضوء ، ونجاسة الثوب تمام الموضوع لبطلان الصلاة فيه.
وأمّا إذا كان جزء الموضوع للتكليف على كلّ تقدير أو على بعض التقادير فلا يكون العلم منجّزا ؛ لأنّه لا يساوق حينئذ العلم الإجمالي بالتكليف.
ذكرنا أنّه يشترط في منجّزيّة العلم الإجمالي المتعلّق بموضوع التكليف أن يكون المعلوم إجمالا تمام الموضوع للتكليف ؛ لأنّ العلم به يكون مساوقا للعلم بالتكليف.
وأمّا إذا كان المعلوم بالإجمال جزء الموضوع للتكليف فلا يكون العلم الإجمالي به علما إجماليّا بالتكليف ؛ لأنّ التكليف ليس مترتّبا على هذا الجزء بل على تمام الموضوع ، فلا بدّ من العلم بالجزءين معا ليكون التكليف معلوما ، ولا فرق في كونه جزءا لموضوع التكليف بين أن يكون جزءا كذلك على كلّ تقدير أو على بعض التقادير.
ومثال الأوّل ما إذا علم بنجاسة إحدى هاتين القطعتين من الحديد ، فإنّ المعلوم بالإجمال وهو نجاسة قطعة حديد ليس تمام الموضوع لأي حكم شرعي تكليفي أو وضعي. نعم ، هي جزء الموضوع لحرمة شرب الماء.