في أحد الإناءين ، وذلك بأن كان الشاهدان قد شاهدا قطرة الدم تقع في أحدهما ولم يشخّصا الإناء الذي وقعت فيه القطرة.
الثانية : أن تقوم الأمارة على الفرد بأن تشهد البيّنة على رؤية الدم في الإناء المشخّص ، إلا أنّه اختلط هذا الإناء بغيره بحيث لم يمكن التمييز بينهما ، وحينئذ نقول :
أمّا في الحالة الأولى فنواجه دليلين : أحدهما دليل حجّيّة الأمارة الذي ينجّز مؤدّاها ، والآخر دليل الأصل الجاري في كلّ من الطرفين في نفسه ، وهما دليلان متعارضان لعدم إمكان العمل بهما معا.
والوجه الأوّل يفترض تماميّة الدليل الأوّل ويرتّب على ذلك عدم إمكان إجراء الأصول.
والوجه الثاني لا يفترض الفراغ عن ذلك ، فيقول : لا محذور في جريانها.
والاتّجاه الصحيح هو حلّ التعارض القائم بين الدليلين.
أمّا الحالة الأولى : أي فيما إذا قامت البيّنة ابتداء على الجامع بأن شهدت بوقوع النجاسة في أحد هذين الإناءين فهنا يوجد لدينا دليلان جاريان.
أحدهما : دليل حجّيّة الأمارة الذي يتعبّدنا بالنجاسة بنحو يكون منجّزا لهذه النجاسة.
والآخر : دليل حجّيّة الأصل المؤمّن أي دليل الطهارة فإنّ أصالة الطهارة تشمل كلا الفردين.
إلا أنّنا لا يمكننا الجمع بين هذين الدليلين ؛ لأنّهما متنافيان عمليّا ، فإنّ دليل الأمارة ينجّز التكليف بينما دليل الأصل يؤمّن عن كلا الفردين ، فيقع التعارض بينهما من ناحية المدلول الالتزامي للأمارة والدليل المطابقي للأصل.
فإنّ دليل الأمارة مدلولها المطابقي تنجيز الجامع للنجاسة ومدلولها الالتزامي أنّه لا يمكن إجراء الأصل الترخيصي لا في هذا الإناء ولا في ذاك ، إذ جريان الأصل في الطرفين معا معناه رفع اليد عن النجاسة التي هي مدلول مطابقي للأمارة ، وجريانه في أحدهما ترجيح بلا مرجح ، فلا بدّ من طرحه فيهما معا.
بينما دليل الأصل مفاده ومدلوله المطابقي إمكان جريان الأصل الترخيصي في كلّ من الفردين من دون محذور.