وهذا التعارض لا بدّ من حلّه وفقا لقوانين التعارض التي سوف تأتي.
والصحيح في حلّ التعارض هو تقديم دليل الأمارة وطرح دليل الأصل ، لا للحكومة ولا لكونها علما ، وإنّما لأجل أنّ دليل الأمارة نصّ في مورده بينما دليل الأصل يشمل المورد المذكور بإطلاقه ، فيكون دليل الأمارة أخصّ نصّا بينما دليل الأصل عامّ ومطلق ، وفي مثل ذلك يحكم العرف بتقديم الدليل الأخصّ والذي يكون نصّا في مورده ويرفع اليد عن إطلاق دليل الأصل في هذا المورد.
فتكون النتيجة تقديم الأمارة وبالتالي تكون منجّزة للجامع والذي بدوره يتطلّب الاجتناب عن كلا الإناءين.
فإن قيل : أليس دليل حجّيّة الأمارة حاكما على دليل الأصل؟
كان الجواب : أنّ هذه الحكومة إنّما هي فيما إذا اتّحد موردهما ، لا في مثل المقام ، إذ تلغي الأمارة تعبّدا الشكّ بلحاظ الجامع ، وموضوع الأصل في كلّ من الطرفين الشكّ فيه بالخصوص فلا حكومة ، بل لا بدّ من الاستناد إلى ميزان آخر لتقديم دليل الحجّيّة على دليل الأصل من قبيل الأخصّيّة أو نحو ذلك ، وبعد افتراض التقديم نرتّب عليه آثار العلم الإجمالي.
وهنا قد يقال : إنّ التعارض بين دليل حجّيّة الأمارة ودليل الأصل من التعارض غير المستقرّ ؛ لأنّ دليل حجّيّة الأمارة حيث إنّ مفاد الحجّيّة جعل العمليّة فهو يرفع موضوع الأصل والذي هو الشكّ فيكون حاكما عليه ، ومن الواضح أنّ الدليل الحاكم يقدّم على الدليل المحكوم.
إلا أنّ الصحيح : أنّه لا حكومة بين دليل حجّيّة الأمارة وبين دليل الأصل ؛ لأنّه يشترط في الحكومة أن يكون الدليل الحاكم ناظرا إلى الدليل المحكوم ، والنظر لا يتحقّق إلا إذا كان موضوعهما واحدا ، كما في قوله ، ( لا ربا بين الوالد والولد ) ، فإنّه حاكم على أدلّة حرمة الربا ؛ لأنّه شامل بعمومه وإطلاقه للربا بين الوالد والولد ، فيكون الدليل الأوّل حاكما ؛ لأنّه ناظر إلى موضوع الآخر على أساس وحدة الموضوع بينهما.
وهنا الموضوع مختلف ، فإنّ موضوع الأمارة هو الجامع ، أي أنّها تفيد التعبّد بإلغاء الشكّ عن الجامع فقط ؛ لأنّ هذا هو المقدار الذي قامت عليه الأمارة لا أكثر ، فيخرج