فالجزء الآخر ألاّ يكون هناك اضطرار.
وحينئذ فالإناء المضطرّ إلى شربه ارتفع أحد جزئي موضوع حرمة الشرب فيه فكونه نجسا لا يؤثّر في ثبوت الحرمة ؛ لأنّه من الواضح أنّ ما يكون مضطرّا إليه فهو مباح واقعا ، ولا يحتاج إلى إجراء الأصول الترخيصيّة فيه إذ لا موضوع لها مع العلم بالحكم الواقعي ، ولذلك تجري الأصول الترخيصيّة في الإناء الآخر من دون معارض ، إذ لا يوجد أصول ترخيصيّة في الإناء المضطرّ إليه ؛ لأنّه مباح واقعا بسبب الاضطرار الذي هو عنوان ثانوي.
فظهر بذلك أنّ العلم الإجمالي المتأخّر عن الاضطرار لا يكون منجّزا لا للطرف المضطرّ إليه ؛ إذ لا إشكال في إباحته ، ولا للطرف الآخر ؛ لأنّ الأصول الترخيصيّة تجري فيه من دون معارض.
وإلا بقي على المنجّزيّة ؛ لأنّه يكون من حالات العلم الإجمالي المردّد بين الطويل والقصير ، إذ يعلم المكلّف بتكليف فعلي في هذا الطرف قبل حدوث الاضطرار ، أو في الطرف الآخر حتّى الآن.
النحو الثاني : أن يكون الاضطرار إلى أحد الإناءين بعد العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما.
كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد هذين الإناءين ثمّ اضطرّ للشرب من أحدهما المعيّن ، فهنا يبقى العلم الإجمالي على منجّزيّته بالنسبة للإناء الآخر ؛ وذلك لأنّ المورد يكون من موارد الدوران المردّد بين الفردين الطويل والقصير.
وتوضيحه : أنّ المكلّف يعلم من أوّل الأمر بحرمة الشرب من هذا الإناء إلى حين الاضطرار لشربه ، أو بحرمة الشرب من ذاك الإناء إلى الآن ، فهو يعلم بحرمة الشرب فعلا من أول الأمر ، فهو علم بجامع التكليف على كلا التقديرين.
غايته أنّ أحد الطرفين قصير والآخر طويل ، إلا أنّه يكون منجّزا لكلا الطرفين أحدهما إلى حين الاضطرار فعلا إلى شربه والآخر إلى الآن ، فبعد الاضطرار إلى شرب أحدهما المعيّن يكون الفرد القصير قد انتهى وارتفع ، إلا أنّ الفرد الطويل لا يزال ثابتا وهو منجّز بالعلم الإجمالي ؛ لأنّ الفرد الطويل بكلّ آناته يكون فيه تكاليف انحلاليّة ، وكلّها تدخل طرفا في العلم الإجمالي ، والأصول الترخيصيّة الجارية فيها