أحد الإناءين وأريق الماء أو طهّر الماء باتصاله بالجاري مثلا ، فهنا تأتي الانحاء الثلاثة المتقدّمة.
فإذا كان التلف أو التطهير قبل طروّ العلم الإجمالي فهنا يزول العلم بالجامع فيختلّ الركن الأوّل ويسقط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة.
وإذا كان التلف أو التطهير بعد طروّ العلم الإجمالي فيبقى العلم الإجمالي على منجّزيّته ؛ لأنّه من الدوران المردّد بين الطويل والقصير.
وإذا كان التلف أو التطهير متقدّما على العلم الإجمالي ؛ ولكنّ المعلوم بالإجمال كان متقدّما على التلف أو التطهير ، فهنا يسقط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة أيضا لا لاختلال العلم بالجامع بل لاختلال الركن الثالث ، فإنّ الأصول الترخيصيّة لا تجري في الإناء التالف أو الطاهر إذ لا أثر ولا موضوع لها ، فتجري في الإناء الموجود بلا معارض.
هذا كلّه في الصورة الأولى أي الاضطرار إلى أحدهما المعيّن.
وأمّا الصورة الثانية : فلا شكّ في سقوط وجوب الموافقة القطعيّة بسبب الاضطرار المفروض ، وإنّما الكلام في جواز المخالفة القطعيّة ، فقد يقال بجوازها كما هو ظاهر المحقّق الخراساني رحمهالله ، وبرهان ذلك يتكوّن ممّا يلي :
وأمّا الصورة الثانية وهي فيما إذا كان مضطرّا لارتكاب أحد الطرفين لا بعينه ، فهنا تارة يبحث عن وجوب الموافقة القطعيّة وأخرى يبحث عن حرمة المخالفة القطعيّة.
أمّا الموافقة القطعيّة فلا إشكال في سقوطها ؛ لأنّ الاضطرار رافع للتكليف التفصيلي فضلا عن الإجمالي ، بمعنى أنّه حتّى في صورة القطع بالتكليف فإنّ هذا التكليف يرتفع بطروّ الاضطرار عليه ؛ لأنّه عنوان واقعي ثانوي رافع للأحكام الواقعيّة الثانويّة ؛ لأنّها مقيّدة من أوّل الأمر بعدم الاضطرار كما أنّها مقيّدة بالقدرة وعدم العجز ، وهذا المقدار واضح ولا كلام فيه.
والنتيجة إلى الآن الموافقة الاحتماليّة المساوقة للمخالفة الاحتماليّة ، وأمّا المخالفة القطعيّة فهل لا تزال على حرمتها ، أو أنّ العلم الإجمالي يسقط بلحاظها أيضا؟
ذهب صاحب ( الكفاية ) إلى جواز المخالفة القطعيّة وسقوط حرمتها ، واستدلّ على