أمّا عدم وجوب الموافقة القطعيّة فللإجماع على ذلك ، ولعدم اعتناء العقلاء بمثل هذا الاحتمال ؛ لضعفه بسبب كثرة الأطراف.
ولكن يجب الالتفات هنا إلى أمر وهو :
ويجب أن نفترض عامل الكثرة فقط وما قد ينجم عنه من تأثير في إسقاط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة ، دون أن ندخل في الحساب ما قد يقارن افتراض الكثرة من أمور أخرى ، كخروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء.
وهنا نكتة وهي أنّنا نتحدّث عن الشبهة غير المحصورة بنفسها ، أي بما تحتمل من الكثرة العدديّة فقط ، فنقول : إنّ هذه الكثرة العدديّة هل توجب سقوط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة أو لا؟ بقطع النظر عن وجود قرائن خارجيّة وأمور أخرى قد توجد مع الكثرة العدديّة من خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء ؛ بأن كان بعض هذه الأطراف في بلد آخر أو تحت يد السلطان ، ومن الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف ، ومن العسر والحرج من ترك الجميع ونحو ذلك.
فمحلّ الكلام إذا هو الكثرة العدديّة فقط ، وهل تكون مؤثّرة في سقوط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة أو لا؟
وعلى هذا الأساس يمكن أن نقرّب عدم وجوب الموافقة القطعيّة وجواز اقتحام بعض الأطراف بتقريبين :
وهنا يوجد تقريبان لسقوط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة بلحاظ الموافقة القطعيّة ، ويكفي أن نستدلّ على عدم حرمة المخالفة في بعض الأطراف فإنّ لازمها عدم وجوب الموافقة أيضا ، ولذلك نقول :
التقريب الأوّل : أنّ هذا الاقتحام مستند إلى المؤمّن وهو الاطمئنان بعدم انطباق المعلوم بالإجمال على الطرف المقتحم ، إذ كلّما زادت أطراف العلم الإجمالي تضاءلت القيمة الاحتمالية للانطباق على كلّ طرف ، حتّى تصل إلى درجة يوجد على خلافها اطمئنان فعلي.
التقريب الأوّل : دعوى وجود مؤمّن بلحاظ كلّ طرف من أطراف الشبهة غير المحصورة ، وهذا المؤمّن هو الاطمئنان بعدم انطباق المعلوم بالإجمال على كلّ طرف يراد ارتكابه ، ومنشأ هذا الاطمئنان هو حساب الاحتمالات.