مورد جريان الأصول العمليّة
لا شكّ في جريان الأصول العمليّة الشرعيّة عند الشكّ في الحكم التكليفي الواقعي لتنجيزه كما في أصالة الاحتياط ، أو للتعذير عنه كما في أصالة البراءة. ولكن قد يشكّ في التكليف الواقعي ويشكّ في قيام الحجّة الشرعيّة عليه بنحو الشبهة الموضوعيّة كالشكّ في صدور الحديث ، أو بنحو الشبهة الحكميّة كالشكّ في حجّيّة الامارة المعلوم وجودها.
ذكرنا أنّ الأصول العمليّة الشرعيّة أحكام ظاهريّة يجعلها الشارع عند الشكّ في التكليف الواقعي ، وهي على قسمين : أصول تنزيليّة وأصول محضة ، ويكون جعلها إمّا بداعي تنجيز الواقع على المكلّف وهذا هو الاحتياط ، وإمّا بداعي التعذير عنه كما في البراءة ونحوها.
فموضوع الأصل ومورد جريانه إذا هو الشكّ في التكليف الواقعي.
ولكن قد يفرض نحو آخر من الشكّ وهو أنّ يشكّ في قيام الحجّة الشرعيّة وعدم قيامها عند الشكّ في الحكم الواقعي ، وتوضيح ذلك : أنّ المكلّف إذا شكّ في التكليف الواقعي فقد يقوم عنده حجّة ظاهريّة تعالج له الموقف والوظيفة أمام هذا الواقع المشكوك ، وقد لا يقوم عنده حجّة ظاهريّة على ذلك ، وقد يشكّ في قيام مثل هذه الحجّة الظاهريّة وعدم قيامها.
والشكّ في قيام الحجّة الشرعيّة يتصوّر بأحد نحوين :
الأوّل : أن يكون الشكّ فيها بنحو الشبهة الموضوعيّة ، فهو يعلم بالحكم ولكنّه اشتبه عليه مصداقه ، فمثلا يعلم أنّ الشارع قد جعل الحجّيّة لخبر الثقة فهو يعلم بالحكم ، ولكنّه يشكّ في أنّ هذا الخبر الذي يعالج الواقعة المشكوكة هل هو خبر ثقة أو لا؟ فهذا شكّ في تحقّق المصداق ، أو كأن يشكّ في صدور الخبر من