الشارع في هذه الواقعة وعدم صدوره بعد العلم بأنّ هناك أخبارا قد صدرت تعالج الشكّ.
الثاني : أن يكون الشكّ فيها بنحو الشبهة الحكميّة ، أي أنّ هذه الأمارة الموجودة هل جعل الشارع الحجّيّة لها أو لا؟ فهو يعلم بأنّ الموضوع متحقّق في الخارج ، ولكنّه لا يدري ما هو حكمه هل هو حجّة أو لا؟ كالشهرة مثلا فإنّها أمارة تكوينيّة تفيد الظنّ ، وتعالج الشكّ في الواقعة المشكوكة ولكن لا يعلم هل جعل الشارع الحجّيّة لها أم لا؟
فتحصّل من ذلك أنّ هناك نحوين من الشكّ : أحدهما : الشكّ في الحكم الواقعي ، والثاني : الشكّ في قيام الحجّة الظاهريّة الشرعيّة في هذه الواقعة المشكوكة.
والسؤال هنا هو :
فهل يوجد في هذه الحالة موردان للأصل العملي ، فنجري البراءة عن التكليف الواقعي المشكوك ، ونجري براءة أخرى عن الحجّيّة أي الحكم الظاهري المشكوك ، أو تكفي البراءة الأولى؟
وبكلمة أخرى : أنّ الأصول العمليّة هل يختصّ موردها بالشكّ في الأحكام الواقعيّة ، أو يشمل مورد الشكّ في الأحكام الظاهريّة نفسها؟
فهل يوجد موردان للأصل العملي؟
أحدهما الأصل العملي الذي مورده الشكّ في الحكم الواقعي ، فنجري البراءة مثلا للتأمين عن الواقع والآخر الأصل العملي الذي مورده الشكّ في الحكم الظاهري ، فنجري البراءة للتأمين عن هذه الحجّيّة المشكوكة والتي هي حكم ظاهري.
وبتعبير آخر : هل مورد الأصل العملي هو الشكّ في الحكم التكليفي الواقعي فقط ، أو يشمل الشكّ في الحكم الظاهري أيضا؟
قد يقال بأنّنا في المثال المذكور نحتاج إلى براءتين ، إذ يوجد احتمالان صالحان للتنجيز ، فنحتاج إلى مؤمّن عن كلّ منهما :
أحدهما : احتمال التكليف الواقعي ولنسمّه بالاحتمال البسيط.
والآخر : احتمال قيام الحجّة عليه ، وحيث إنّ الحجّيّة معناها إبراز شدّة اهتمام المولى بالتكليف الواقعي المشكوك ـ كما عرفنا سابقا عند البحث عن حقيقة