ونلاحظ على هذا :
أوّلا : أنّ التنجيز ليس بحاجة إلى إبراز هذا العلم الإجمالي ؛ لما عرفت من تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيّات.
ويلاحظ على هذا التقريب ثلاثة أمور :
الأوّل : أنّ هذا العلم الإجمالي لا حاجة له مع كون العلم الإجمالي السابق الدائر بين التكليفين الفعلي والاستقبالي منجّزا للطرفين لتماميّة أركانه الأربعة ، وعدم صحّة شيء من الإشكالات الواردة عليه كما تقدّم سابقا ، فيكون هذا العلم منجّزا لما هو منجّز وتحصيلا للحاصل.
هذا على فرض التسليم بوجود مثل هذا العلم الإجمالي وعلى فرض كونه منجّزا لأطرافه.
وثانيا : أنّ وجوب حفظ القدرة إنّما هو بحكم العقل كما تقدّم في مباحث المقدّمة المفوّتة ، وحكم العقل بوجوب حفظ القدرة لامتثال تكليف فرع تنجّز ذلك التكليف ، فلا بدّ في المرتبة السابقة على وجوب حفظ القدرة من وجود منجّز للتكليف الآخر ، ولا منجّز له كذلك إلا العلم الإجمالي في التدريجيّات.
الإيراد الثاني : أنّ وجوب حفظ القدرة من أجل امتثال التكليف حكم عقلي لا شرعي ، بمعنى أنّ العقل يحكم بذلك فيما إذا كان هناك تكليف واجب الامتثال والإطاعة ، وأمّا إذا لم يكن لدينا تكليف ثابت وواجب الإطاعة فلا يحكم العقل بوجوب حفظ القدرة له.
فمثلا وجوب السفر إلى مكّة والذي هو مقدّمة لحفظ القدرة الواجبة من أجل الوقوف في عرفة في زمانه المعيّن ، إنّما يحكم به العقل بعد اشتغال ذمّة المكلّف بالحجّ ، وكونه مستطيعا لذلك ، وأمّا إذا لم تشتغل ذمّته بذلك فلا معنى لحكم العقل المذكور.
ووجوب الاغتسال قبل الفجر إنّما يجب من باب وجوب حفظ القدرة لأجل اشتغال الذمّة بالصوم ، وأمّا إذا لم تشتغل الذمّة بالصوم كالمسافر والمريض فلا يجب عليهما الاغتسال.
وعلى هذا ففي مقامنا وجوب حفظ القدرة على امتثال التكليف الذي سوف