علم أو لا ثبوت للتكليف ، بل لأنّه لا حقّ للمولى على عبده في أن يطيعه في هذه الموارد ؛ لأنّها خارجة عن موضوع حقّ الطاعة تخصّصا ، وبالتالي لا تحتاج إلى هذا الاستدلال والتفصيلات السابقة.
ومن هنا يظهر أنّ الأساس في هذا البحث هو أنّ حقّ الطاعة هل دائرته واسعة فتشمل كلّ انكشاف وكلّ وصول للتكليف ، أم أنّ دائرته ضيّقة ومختصّة بالانكشاف والوصول القطعي فقط؟
وهذا يفترض أن ينصبّ البحث حول تحديد دائرة هذا الحقّ قبل الاستدلال المذكور ؛ لأنّ تحديده يغنينا عن كلّ هذه الاستدلالات.
وثانيا : أنّ التكليف الحقيقي الذي ادّعي كونه متقوّما بالوصول ، إن أراد به الجعل الشرعي للوجوب مثلا الناشئ من إرادة ملزمة للفعل ومصلحة ملزمة فيه ، فمن الواضح أنّ هذا محفوظ مع الشكّ أيضا حتّى لو قلنا بأنّه غير منجّز وأنّ المكلّف الشاكّ غير ملزم بامتثاله عقلا ؛ لأنّ شيئا من الجعل والإرادة والمصلحة لا يتوقّف على الوصول.
وإن أراد به ما كان مقرونا بداعي البعث والتحريك فلنفترض أنّ هذا غير معقول بدون وصول ، إلا أنّ ذلك لا ينهى البحث ؛ لأنّ الشك في وجود جعل بمبادئه من الإرادة والمصلحة الملزمتين موجود على أي حال ، حتّى ولو لم يكن مقرونا بداعي البعث والتحريك ، ولا بدّ أن يلاحظ أنّه هل يكفي احتمال ذلك في التنجيز أو لا؟
وعدم تسمية ذلك بالتكليف الحقيقي مجرّد اصطلاح ، ولا يغني عن بحث واقع الحال.
ويرد عليه ثانيا : أنّ التكليف الحقيقي الذي ذكر أنّه متقوّم بالوصول ما هو المراد به؟
فإن كان المقصود من التكليف الحقيقي هو ذاك الجعل الشرعي الذي ينشئه الشارع على الموضوع بعد وجود المبادئ والملاكات والإرادة ، أي الحكم الناشئ عن وجود مصلحة ملزمة في الفعل مثلا كما في الوجوب وعن وجود ملاك ملزم وعن وجود شوق مولوي له ، فهذا المعنى من الواضح عدم كونه متقوّما بالوصول ، بل هو