وربّما يقال (١) : توجه التكليف الفعلي للشك في حسن التكليف ، وإن كان مشكوكا ، إلا أنه لا شك في وجود مبغوض المولى في الأطراف ، والعلم به كفى به بيانا.
ولكنك قد عرفت غير مرة أن المبغوضية التي هي مصداق الكراهة التشريعية كالمحبوبية التي هي مصداق الإرادة التشريعية ما يساوق الارادة والكراهة التكوينيتين.
فاذا وصلت الارادة مثلا حدا يبعث العضلات نحو الفعل كانت إرادة تكوينية ، وإلا فلا.
فكذلك إذا وصلت حدا يبعث المولى على قيامه بصدد تحصيل مراده بالبعث الفعلي نحوه كانت ارادة تشريعية.
فلا تنفك الارادة التشريعية عن البعث الفعلي ، كما لا تنفك التكوينية عن حركة العضلات ، وما لم تبلغ الارادة هذا الحدّ لا أثر لها ، كيف؟ ولو كان متعلقها فعلا تكوينيا للمولى لم تحركه بالمباشرة نحو الفعل ، فكيف تحركه نحوه بالتسبيب؟ فكذا الامر في الكراهة التشريعية.
فالشك في البعث الفعلي والزجر الفعلي شك في بلوغ الارادة والكراهة حدا له الأثر ، ومطلق المحبوبية والمبغوضية التي لا توجب قيام المولى مقام تحصيل محبوبه ، أو إعدام مبغوضه لا أثر له.
نعم دعوى قصور أدلة البراءة الشرعية [ عن الشمول ](٢) لصورة العلم بالحرمة ، والشك في فعليتها أمر آخر ، حيث إن ظاهرها ما كان التكليف الواقعي مشكوكا ، فترتفع فعليته ، لا مطلق الشك في الفعلية. وفي البراءة العقلية كفاية.
__________________
(١) القائل هو المحقق الحائري قده. درر الفوائد / ٤٦٥.
(٢) اضيف لقصور العبارة دونه.