على مرّ الزمن ، وفي هذا الإطار بإمكان الفرد أن يكون أكبر من ببغاء في تيار التاريخ ، وبخاصة حين ندخل في الحساب عامل الصلة بين هذا الفرد والسماء (١). فإن هذه الصلة تدخل حنيئذٍ كقوة موجّهة لحركة التاريخ. وهذا ما تحقق في تاريخ النبوّات ، وفي تاريخ النبوّة الخاتمة بوجه خاص ، فإنّ النبيّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم بحكم صلته الرسالية بالسماء تسلّم بنفسه زمام الحركة التاريخية ، وأنشأ مدّاً حضارياً لم يكن بإمكان الظروف الموضوعية التي كانت تحيط به أن تتمخض عنه بحال من الأحوال ، كما أوضحنا ذلك في المقدمة الثانية للفتاوى الواضحة (٢).
وما أمكن أن يقع على يد الرسول الاعظم يمكن ان يقع على يد القائد المنتظر من أهل بيته الذي بشّر (٣) به ونوّه عن دوره العظيم.
__________________
(١) راجع : كتاب الأبطال ( البطل في صورة نبي ) / توماس كارليل / ترجمة الدكتور السباعي ، سلسلة الألف كتاب ـ مصر.
(٢) راجع المقدمة الثانية في الفتاوى الواضحة : ص ٦٣ ، وفيها توضيح وتفصيل لهذه المسألة.
(٣) التاج الجامع للأصول ٥ : ٣٤٣ ، عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إلمَهْدِي منّي أَجلَى اَلجَبهَة أَقنى الأنفَ يَملأ الأرضَ قِسْطاً وَعَد كما مُلِئت ظلماً وجَورا ».