مصدر عطاء وقوة بدرجة أكبر ، إضافة إلى ما يجده أي إنسان رافض من سلوة وعزاء وتخفيف لما يقاسيه من آلام الظلم والحرمان ، حين يحسّ أن إمامه وقائده يشاركه هذه الآلام ويتحسّس بها فعلاً بحكم كونه إنسانأ معاصرأ ، يعيش معه وليس مجرد فكرة مستقبلية.
ولكن التجسيد المذكور أدى في نفس الوقت إلى مواقف سلبية تجاه فكرة المهدي نفسها (١) لدى عدد من الناس ، الذين صعب عليهم أن يتصوروا ذلك ويفتر ضوه.
فهم يتساءلون!
إذا كان المهدي يعبّر عن إنسان حيّ ، عاصركل هذه الأجيال المتعاقبة منذ أكثر من عشرة قرون ، وسيظل يعاصر امتداداتها إلى أن يظهر على الساحة ، فكيف تأتى لهذا الانسان ان أن يعيش هذا العمر الطويل ، وينجو من قوانين الطبيعة التي تفرض على كل إنسان أن يمز بمرحلة الشيخوخة والهرم ، في وقت سابق على ذلك جدأ ، وتؤدي به تلك المرحلة طبيعيأ إلى الموت؟ أو ليس ذلك مستحيلاً من الناحية الواقعية؟ (٢)
__________________
(١) اختلفت الآراء وتباينت المواقف من مسألة المهدي المنتظر ، تبعاً لاختلاف المواقف من مسألة الغيب الديني والنصوص الدينية المشهورة والمتواترة ، على أن هناك إطباقأ بين علماء المسلمين والمحققين من أهل الحديث من السنة والشيعة على صحة العقيدة بالمهدي ، وعدم جواز التشكيك بها حتى جاء في المأثور : « مَنْ أنْكَرَ المَهْدي فَقد كَفَر ... » وقد استوفى هذه المسألة بحثاً الشيخ عبدالمحسن عباد في محاضرته التي نثرتهأ مجلة الجامعة الإسلامية / العدد الثالث / ١٩٦٩ م. وراجع : غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول للشيخ منصور علي ناصف ٥ : ٣٤٣.
(٢) هذا تساؤل فريق من الناس ، والواقع أنه يمكن تسجيل الملاحظة السريعة الآتية ، وإن كان سيأتي جوابه تفصيلأ :