أي بخلت به. والمقام بالضم : الاقامة. وقيل في بيع اليقين بالشك وجوه :
الاول : أن معيشة آدم في الجنة كانت على حال يعلمها يقينا ، وما كان يعلم كيف يكون معاشه بعد مفارقتها.
الثاني : أن ما أخبره الله من عداوة إبليس بقوله : « إن هذا عدو لك ولزوجك » كان يقينا فباعه باشك في نصح إبليس إذ قال : « إني لكما لمن الناصحين. »
الثالث : أن هذا مثل قديم للعرب لمن عمل عملا لا ينفعه وترك ما ينبغي له أن يفعله.
الرابع : أن كونه في الجنة كان يقينا فباعه بأن أكل من الشجرة فاهبط إلى دار التكليف التي من شأنها الشك في أن المصير منها إلى الجنة أو إلى النار.
وجذل كفرح لفظا ومعنى ، وسيتضح لك ما تضمنته الخطبة في الابواب الآتية.
اعلم أنه أجمعت الفرقة المحقة وأكثر المخالفين على عصمة الملائكة صلوات الله عليهم أجمعين من صغائر الذنوب وكبائرها ، وسيأتي الكلام في ذلك في كتاب السماء والعالم ، وطعن فيهم بعض الحشوية بأنهم قالوا : « أتجعل » والاعتراض على الله من أعظم الذنوب وأيضا نسبوا بني آدم إلى القتل والفساد وهذا غيبة وهي من الكبائر ، ومدحوا أنفسهم بقولهم : « ونحن نسبح بحمدك » وهو عجب ، وأيضا قولهم : « لا علم لنا إلا ما علمتنا » اعتذار والعذر دليل الذنب ، وأيضا قوله : « إن كنتم صادقين » دل على أنهم كانوا كاذبين فيما قالوه ، وأيضا قوله : « ألم أقل لكم » يدل على أنهم كانوا مرتابين في علمه تعالى بكل المعلومات ، وأيضا علمهم بالافساد وسفك الدماء إما بالوحي وهو بعيد وإلا لم يكن لاعادة الكلام فائدة ، وإما بالاستنباط والظن وهو منهي عنه.
واجيب عن اعتراضهم على الله بأن غرضهم من ذلك السؤال لم يكن هو الانكار و لا تنبيه الله على شئ لا يعلمه ، وإنما المقصود من ذلك امور :
منها : أن الانسان إذا كان قاطعا بحكمة
غيره ثم رآه يفعل فعلا لا يهتدي ذلك
الانسان إلى وجه الحكمة فيه استفهم عن ذلك متعجبا ، فكأنهم قالوا : إعطاء هذا
النعم