للسجود لآدم وعصاه لعنه وجعله شيطانا وسماه إبليس (١) « وكان الكافرين » أي كان كافرا في الاصل ، أو كان في علمه تعالى منهم ، أو صار منهم. (٢)
« ولقد خلقناكم ثم صورناكم » أي خلقنا أباكم وصورناه ، وقيل : خلقنا آدم ثم صورناكم في ظهره ، وقيل : إن الترتيب وقع في الاخبار ، أي ثم نخبركم أنا قلنا للملائكة اسجدوا « مامنعك أن لا تسجد » لا زائدة ، أو المعنى : ما دعاك إلى أن لا تسجد؟ « خلقتني من نار » قال ابن عباس : أول من قاس إبليس فأخطأ القياس ، فمن قاس الدين بشئ من رأيه قرنه الله بإبليس ، ووجه دخول الشبهة على إبليس أنه ظن أن النار إذا كانت أشرف من الطين لم يجز أن يسجد الاشرف للادون ، وهذا خطأ ، (٣) لان ذلك تابع لما يعلم الله سبحانه من مصالح العباد ، وقد قيل أيضا : إن الطين خير من النار ، لانه أكثر منافع للخلق من حيث إن الارض مستقر الخلق وفيها معائشهم ومنها تخرج أنواع أرزاقهم ، والخيرية إنما يراد بها كثرة المنافع « فاهبط » أي انزل وانحدر « منها » أي من السماء ، وقيل : من الجنة ، وقيل : انزل عما أنت عليه من الدرجة الرفيعة إلى الدرجة الدنية التي هي درجة العاصين « فما يكون لك أن تتكبر » عن أمر الله « فيها » أي الجنة أو في السماء ، فإنها ليست بموضع المتكبرين « فاخرج » من المكان الذي أنت فيه ، أو المنزلة التي أنت عليها « إنك من الصاغرين » أي من الاذلاء بالمعصية ، وهذا الكلام إنما صدر من الله سبحانه على لسان بعض الملائكة ، وقيل : إن إبليس رأى معجزة تدله على أن ذلك كلام الله « قال أنظرني » أي أخرني في الاجل « إلى يوم يبعثون » أي من قبورهم للجزاء ، قال الكلبي : أراد الخبيث أن لا يذوق الموت في النفخة الاولى ، واجيب بالانظار إلى يوم الوقت المعلوم ، وهي النفخة الاولى (٤) ليذوق
ـــــــــــــــ
(١) قال الراغب : الابلاس : الحزن المعترض من شدة اليأس ، يقال : أبلس ، ومنه اشتق إبليس فيما قيل.
(٢) مجمع البيان ١ : ٨٣. م
(٣) وأخطأ أيضا حيث ظن أن الفضيلة تكون بواسطة المادة فقال : خلقتنى من نار وخلقته من طين ، مع أن الفضيلة تكون بما هو منشأ للاثار ومصدر والامور والافعال ، وإليه أشارالله تعالى بقوله : « وإذا نقخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين » أضاف الروح إلى نفسه تشريفا وتعظيما له ، وإيعازا إلى أنه الموجب لاستحقاق السجود والتعظيم.
(٤) أو ظهور المهدى عليهالسلام على ماروى.