معك ، فقال لهم : فإن كنتم قد وطنتم أنفسكم على ما وطنت نفسي عليه (١) فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره ، وأن الله وإن كان خصني مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا من الكرامات بما يسهل علي معها احتمال المكرهات فإن لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى ، واعلموا أن الدنيا حلوها ومرها حلم ، (٢) والانتباه في الآخرة ، والفائز من فاز فيها ، والشقي من شقي فيها ، أولا احدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبينا والمتعصبين لنا ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له مقرون؟ قالوا : بلى يابن رسول الله قال : إن الله تعالى لما خلق آدم وسواه وعلمه أسماء كل شئ وعرضهم على الملائكة جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين أشباحا خمسة في ظهر آدم ، وكانت أنوارهم تضئ في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي و العرش ، فأمر الله الملائكة بالسجدة لآدم تعظيما له إنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الاشباح التي قدعم أنوارها في الآفاق ، فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله وأن يتواضع لانوارنا أهل البيت وقد تواضعت لها الملائكة كلها فاستكبر وترفع و كان بإبائه ذلك وتكبره من الكافرين.
قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن رسول الله (ص) قال : قال : يا عبادالله : إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا (٣) من ذروة العرش إلى ظهره رأى النور ولم يتبين الاشباح ، فقال : يا رب ما هذه الانوار؟ قال الله عزوجل : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ، و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الاشباح ، فقال آدم : يا رب لو
ـــــــــــــــ
(١) وطن نفسه على الامر وللامر : هيأها لفعله وحملها عليه.
(٢) الحلم. ما يراه النائم في نومه.
(٣) قال الطريحى في مجمع البحرين : في الحديث : خلق الله محمدا وعترته أشباح نور بين يدى الله ، قلت : وما الاشباح؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بل أرواح. فالاشباح جمع الشبح بالتحريك وقد يسكن وهو الشخص. وسئل الشيخ الجليل محمد بن النعمان ما معنى الاشباح؟ فأجاب : الصحيح من حديث الاشباح الرواية التى جاءت عن الثقات بأن آدم عليهالسلام رأى على العرش أشباحا يلمع نورها ، فسأل الله تعالى عنها فأوحى الله إليه : أنها أشباح رسول الله صلى الله عليه وآله واميرالمؤمنين والحسن والحسين وفاطمة عليهمالسلام ، وأعلمه لولا الاشباح التى رآها ما خلقه الله ولا خلق سماء ولا أرضا ، ثم قال : والوجه فيما أظهره الله من الاشباح والصور لادم عليهالسلام أن دله على تعظيمهم وتقبيلهم وجعل ذلك اجلالا لهم ومقدمة لما *