بينتها لي ، فقال الله تعالى : انظريا آدم إلى ذروة العرش ، (١) فنظر آدم ـ ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم ـ على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية ، فرأى أشباحنا فقال : ما هذه الاشباح يا رب؟ فقال الله : يا آدم هذه الاشباح أفضل خلائقي وبرياتي : هذا محمد وأنا الحميد والمحمود في أفعالي شققت له اسما من اسمي ، وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي ، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والارض فاطم أعدائي عن رحمتي (٢) يوم فصل قضائي ، وفاطم أوليائي عما يعتريهم ويشينهم فشققت لها اسما من اسمي ، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت لها اسما من اسمي ، هؤلاء خيار خليقتي وكرام بريتي ، بهم آخذوبهم اعطي وبهم اعاقب وبهم اثيب ، فتوسل إلي بهم يا آدم ، وإذا دهتك داهية (٣) فاجعلهم إلي شفعاءك ، فإني آليت على نفسي قسما حقا لا اخيب بهم آملا ، ولا أرد بهم سائلا فلذلك حين نزلت منه الخطيئة « وخ » دعا الله عزوجل بهم فتاب عليه وغفرله.
٢٦ ـ أقول : قال السيد بن طاوس في سعد السعود : رأيت في صحف إدريس على نبينا وآله وعليه السلام في ذكر سؤال إبليس وجواب الله له قال : رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال : لاولكنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ، فإنه يوم قضيت وحتمت أن اطهر الارض ذلك اليوم من الكفر والشرك والمعاصي ، وأنتخب لذلك الوقت عبادا لي امتحنت قلوبهم للايمان وحشوتها بالورع والاخلاص واليقين والتقوى والخشون والصدق والحلم والصبر والواقار والزهد في الدنيا ، والرغبة فيما عندي يدينون بالحق وبه يعدلون ، اولئك
ـــــــــــــــ
* يعرضه من طاعتهم ودليلا على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم ، ولم يكونوا في تلك الحال صورامجسمة ولا أرواحا ناطقة ولكنما كانت على صورهم في البشرية ترل على ما يكونون عليه في المستقبل. ولقد روى أن آدم لما تاب إلى الله وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه ، قال : وهذا غير منكر من القول ولا مضاد للشرع ، وقد رواه الثقات الصالحون المأمونون وسلم لروايته طائفة الحق فلا طريق إلى إنكاره انتهى. قلت : والقول بكونهم عليهمالسلام أرواحا ناطقة كما وردت عليه أخبار لا يكون أيضا منكرا من القول ولا مضادا للشرع والعقل.
(١) ذروة العرش : أعلاه.
(٢) أى قاطعهم عن رحمتى.
(٣) أى أصابتك داهية.