تسبق من امة » أي لم تكن امة فيما مضى تسبق أجلها فتهلك قبل ذلك ، ولا تتأخر عن أجلها (١) « في شيع الاولين : الشيع : الفرق والامم ». (٢)
« إلا رجالا نوحي إليهم » وذلك أن كفار قريش كانوا ينكرون أن يرسل إليهم بشر مثلهم ، فبين سبحانه أنه لا يصلح أن يكون الرسل إلى الناس إلا من يشاهدونه ويخاطبونه ويفهمون عنه ، وأنه لاوجه لاقتراحهم إرسال الملك « فسئلوا أهل الذكر » أي أهل العلم بأخبار من مضى من الامم ، أو أهل الكتاب ، أو أهل القرآن ، لان الذكر القرآن ، (٣) يقرب منه مارواه جابر ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : نحن أهل الذكر. وقد سمى الله رسوله ذكرا في قوله : « ذكرا رسولا » على أحد الوجهين.
وقوله : « بالبينات والزبر » العامل فيه قوله : « أرسلنا » والتقدير : وما أرسلنا بالبينات والزبر أي البراهين والكتب إلا رجالا ، وقيل : في الكلام إضمار ، والتقدير : أرسلناهم بالبينات. (٤)
« اولئك » أي الذين تقدم ذكرهم « الذين أنعم الله عليهم » بالنبوة وغيرها « من النبيين من ذريه آدم » إنما فرق سبحانه ذكر نسبهم مع أن كلهم كانوا من ذريه آدم لتبيان مراتبهم في شرف النسب ، فكان لادريس شرف القرب من آدم ، وكان إبراهيم من ذرية من حمل مع نوح ، وكان إسماعيل وإسحاق ويعقوب من ذرية إبراهيم لما تباعدوا من آدم حصل لهم شرف إبراهيم ، وكان موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى من ذرية إسرائيل « وممن هدينا » قيل : إنه تم الكلام عند قوله : « وإسرائيل » ثم ابتدأ وقال : « ممن هدينا واجتبينا » من الامم قوم « إذا تتلى عليهم آيات الرحمن » وروي عن علي بن الحسين عليهماالسلام أنه قال : نحن عنينابها. وقيل : بل المراد به الانبياء الذين تقدم ذكرهم « خروا سجدا » لله « وبكيا » أي باكين « فخلف من بعدهم خلف » الخلف : البدل السيئ ،
ـــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٦ : ٣٢٩. م
(٢) مجمع البيان ٦ : ٣٣١. م
(٣) قد استعمل الذكر بهذا المعنى في مواضع كثيرة من القرآن منها في آل عمران آية ٥٨ و ٦٣ و ٦٩ ، وسورة الحجر آية ٥ و ٩ ويس آية ٦٩ وفصلت آية ٤٠ والقمر آية ٢٥ والطلاق آية ١٠ والقلم آية ١ ٥.
(٤) مجمع البيان ٦ : ٣٦١ ـ ٣٦٢. م