« إلى أجل مسمى » أي إلى الوقت الذي ضربه الله لكم أن يميتكم فيه ، ولا يؤاخذكم بعاجل العقاب « بسلطان مبين » أي بحجة واضحة ، وإنما قالوا ذلك لانهم اعتقدوا أن ما جاءت به الرسل من المعجزات ليست بمعجزة ولا دلالة ، وقيل : إنهم طلبوا معجزات مقترحات سوى ما ظهرت فيما بينهم.
« ولكن الله يمن » أي ينعم عليهم بالنبوة المعجزات « وقد هدينا سبلنا » أي عرفنا طريق التوكل ، أو هدانا إلى معرفته وتوجيه العبادة إليه « ذلك لمن خاف » أي ذلك الفوز لمن خاف وقوفه للحساب بين يدي « وخاف وعيد » (١) أي عقابي ، وإنما قالوا : « أو لتعودن » وهم لم يكونوا على ملتهم قط؟ إما لانهم توهموا على غير حقيقة أنهم كانوا على ملتهم ، وإما لانهم ظنوا بالنشو بينهم أنهم كانوا عليها.
« واستفتحوا » أي طلب الرسل الفتح والنصر من الله ، وقيل : هو سؤالهم أن يحكم الله بينهم وبين اممهم ، لان الفتح الحكم ، وقيل : معناه : واستفتح الكفار العذاب « وخاب كل جبار عنيد » أي خسر كل متكبر معاند مجانب للحق دافع له. (٢)
« وما أهلكنا » أي لم نهلك أهل قرية فيما مضى على وجه العقوبة إلا وكان لهم أجل معلوم مكتوب لابد أن سيبلغونه ، فلا يغرن هؤلاء الكفار إمهالي إياهم « ما
ـــــــــــــــ
(١) قال السيد الرضى قدسسره في تلخيص البيان : قوله : ذلك لمن خاف مقامى هذه استعارة ، لان المقام لا يضاف الا إلى من يجوز عليه القيام ، وذلك مستحيل على الله سبحانه ، فاذا المراد به يوم القيامة ، لان الناس يقومون فيه للحساب وعرض الاعمال على الثواب والعقاب ، فقال سبحانه في صفة ذلك اليوم : يوم يقوم الناس لرب العالمين وانما أضاف تعالى هذا المقام إلى نفسه في هذا الموضع وفى قوله : ولمن خاف مقام ربه جنتان لان الحكم في ذلك اليوم له خالصا لايشاركه فيه حكم حاكم ولا يحاده أمر آمر ، وقد يجوز أن يكون المقام هنا بمعنى آخر وهو أن العرب تسمى المجامع التى تجتمع فيها لتدارس مفاخرها وتذاكرمآ ثرها مقامات ومقاوم ، فيجوز أن يكون المراد بالمقام هنا الموضع الذى يحصى الله تعالى فيه على بريته محاسن اعمالهم ومقابح أفعالهم لاستحقاق ثوابه وعقابه واستيجاب رحمته وعذابه ، وقد يقولون : هذا مقام فلان ومقامته على هذا الوجه وان لم يكن الانسان المذكور في ذلك المكان قائما ، بل كان قاعدا أو مضطجعا.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٣٠٥ ـ ٣٠٨. م